responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 165
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُمْ بَعْضُ بَنِي بَكْرٍ مِنْ كِنَانَةَ مِمَّنْ كَانَ أَقَامَ عَلَى عَهْدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِي نَقْضِ مَا كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مِنَ الْعَهْدِ مَعَ قُرَيْشٍ. وَإِنَّمَا قُلْتُ: إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّ اللهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِإِتْمَامِ الْعَهْدِ لِمَنْ كَانُوا عَاهَدُوهُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَا اسْتَقَامُوا عَلَى عَهْدِهِمْ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ إِنَّمَا نَادَى بِهَا عَلِيٌّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ بِسَنَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَلَا مِنْ خُزَاعَةَ كَافِرٌ يَوْمَئِذٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَهْدٌ فَيُؤْمَرُ بِالْوَفَاءِ لَهُ بِعَهْدِهِ مَا اسْتَقَامَ عَلَى عَهْدِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ سَاكِنِي مَكَّةَ كَانَ قَدْ نَقَضَ الْعَهْدَ وَحُورِبَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ اهـ. وَهُوَ رَدٌّ لِلرِّوَايَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ أَيْ: فَمَهْمَا يَسْتَقِمْ لَكُمْ هَؤُلَاءِ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ، أَوْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ مُدَّةَ اسْتِقَامَتِهِمْ لَكُمْ، إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْغَدْرُ وَنَقْضُ الْعَهْدِ مِنْ قِبَلِكُمْ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ قَطْعَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَحَارِمِهِ، وَمِنْ أَعْظَمِهَا الْغَدْرُ وَنَقْضُ الْعُهُودِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الرَّابِعَةِ، فَالظَّاهِرُ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَعَاهِدِينَ الْمَذْكُورِينَ هُمُ الْمَذْكُورُونَ هُنَالِكَ، وَإِنَّمَا أُعِيدَ ذِكْرُ اسْتِثْنَائِهِمْ لِتَأْكِيدِهِ بِشَرْطِهِ الْمُتَضَمِّنِ لِبَيَانِ السَّبَبِ
الْمُوجِبِ لِلْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الِاسْتِقَامَةُ عَلَيْهِ مَرْعِيَّةً مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إِلَى نِهَايَةِ مُدَّتِهِ، وَهَذَا زَائِدٌ عَلَى مَا هُنَالِكَ مِنْ وَصْفِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْقُصُوا مِنْ شُرُوطِ الْعَهْدِ شَيْئًا، وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَحَدًا، وَتَمْهِيدٌ لِبَيَانِ اسْتِبَاحَةِ نَبْذِ عُهُودِ الَّذِينَ لَا يَسْتَقِيمُونَ لِلْمُعَاهِدِ لَهُمْ إِلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْغَدْرِ حَتَّى إِذَا مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ أَحْلَافِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ وَقَوْلِهِ الْمُفَسِّرِ لَهُ: كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَالْمَعْنَى: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ غَيْرِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَرَّبْتُمْ وَفَاءَهُمْ عَهْدٌ مَشْرُوعٌ عِنْدَ اللهِ مَرْعِيٌّ بِالْوَفَاءِ عِنْدَ رَسُولِهِ، وَالْحَالُ الْمَعْهُودُ مِنْهُمُ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ أَنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ فِي الْقُوَّةِ وَالْغَلَبِ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً؟ فَالِاسْتِفْهَامُ وَاحِدٌ، وَوَجْهُ إِنْكَارِ الْعَهْدِ وَنَفْيِهِ فِيهِ مُقَيَّدٌ بِهَذِهِ الْحَالِ، وَإِنَّمَا أُعِيدَتْ أَدَاةُ الِاسْتِفْهَامِ لِلْفَصْلِ الْمَذْكُورِ.
يُقَالُ ظَهَرَ عَلَيْهِ: غَلَبَهُ وَظَفِرَ بِهِ، وَأَصْلُهُ عَلَاهُ، وَأَظْهَرَهُ عَلَيْهِ أَعْلَاهُ عَلَيْهِ، وَجَعَلَهُ فَوْقَهُ وَمِنْهُ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ (9: 33) وَكَذَا أَعْلَمَهُ بِهِ. وَرَقَبَ الشَّيْءَ رَعَاهُ وَحَاذَرَهُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست