responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 400
النُّفُوسَ وَيُطَهِّرُ الْعُقُولَ وَالْقُلُوبَ. وَأَمَّا مَا أَضَافَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَى الدِّينِ مِنْ آرَاءِ أَحْبَارِهِمْ وَرُهْبَانِهِمْ فَهُوَ مِنَ الصَّنْعَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَالصِّبْغَةِ الْبَشَرِيَّةِ قَدْ جَعَلَ الدِّينَ الْوَاحِدَ مَذَاهِبَ مُتَفَرِّقَةً مُفَرِّقَةً، وَالْأُمَّةَ الْوَاحِدَةَ شِيَعًا مُتَنَافِرَةً مُتَمَزِّقَةً (وَنَحْنُ لَهُ) وَحْدَهُ (عَابِدُونَ) فَلَا نَتَّخِذُ أَحْبَارَنَا وَعُلَمَاءَنَا أَرْبَابًا يَزِيدُونَ فِي دِينِنَا وَيَنْقُصُونَ، وَيُحِلُّونَ لَنَا بِآرَائِهِمْ وَيُحَرِّمُونَ، وَيَمْحُونَ مِنْ نُفُوسِنَا صِبْغَةَ اللهِ الْمُوجِبَةَ لِلتَّوْحِيدِ، وَيُثْبِتُونَ مَكَانَهَا صِبْغَةَ الْبَشَرِ الْقَاضِيَةَ بِالشِّرْكِ وَالتَّنْدِيدِ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: وَالْآيَةُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِي الْإِسْلَامِ إِلَى تَمْيِيزِ الْمُسْلِمِ مِنْ غَيْرِهِ بِأَعْمَالٍ صِنَاعِيَّةٍ كَالْمَعْمُودِيَّةِ عِنْدَ النَّصَارَى مَثَلًا، وَإِنَّمَا الْمَدَارُ فِيهِ عَلَى مَا صَبَغَ اللهُ بِهِ الْفِطْرَةَ السَّلِيمَةَ مِنَ الْإِخْلَاصِ وَحُبِّ الْخَيْرِ وَالِاعْتِدَالِ، وَالْقَصْدِ فِي الْأُمُورِ (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (30: 30) :
(قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا
وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
هَذَا ضَرْبٌ آخَرُ مِنْ مُحَاجَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ جَارٍ عَلَى نَسَقِ سَابِقِهِ مُؤْتَلِفٌ مَعَهُ مُتَّصِلٌ بِهِ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ وَلَا نَازِلٍ فِي وَاقِعَةٍ خَاصَّةٍ لِلرَّدِّ عَلَى كَلِمَاتٍ قَالَهَا الْيَهُودُ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ (الْجَلَالُ) وَغَيْرُهُ إِذْ قَالُوا: إِنَّ الْيَهُودَ قَالُوا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ النَّاسِ تَابِعِينَ لَنَا فِي الدِّينِ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مِنَّا وَالشَّرِيعَةَ نَزَلَتْ عَلَيْنَا، وَلَمْ يُعْهَدْ فِي الْعَرَبِ أَنْبِيَاءُ وَلَا شَرَائِعُ، نَعَمْ لَا نُنْكِرُ صُدُورَ هَذَا الْقَوْلِ مِنَ الْيَهُودِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ مِثْلَهُ دَائِمًا، وَإِنَّمَا نَقُولُ: إِنَّ الْآيَاتِ مُتَنَاسِقَةٌ مَعَ مَا قَبْلَهَا مُتَمِّمَةٌ لَهُ، مُزِيلَةٌ لِشُبُهَاتٍ كَانَتْ فَاشِيَةً فِي الْقَوْمِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَا خَاصَّةً بِرَدِّ قَوْلٍ لِأَحَدِ يَهُودِ الْحِجَازِ.
الْآيَاتُ السَّابِقَةُ بَيَّنَتْ أَنَّ الْمِلَّةَ الصَّحِيحَةَ هِيَ مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَهِيَ لَمْ تَكُنْ يَهُودِيَّةً وَلَا نَصْرَانِيَّةً، وَإِنَّمَا هِيَ صِبْغَةُ اللهِ الَّتِي لَا صُنْعَ لِأَحَدٍ فِيهَا، بَلْ هِيَ بَرِيئَةٌ مِنِ اصْطِلَاحَاتِ النَّاسِ وَتَقَالِيدِ الرُّؤَسَاءِ فَهِيَ الْجَدِيرَةُ بِالِاتِّبَاعِ، وَلَكِنَّ التَّقَالِيدَ وَالْأَوْضَاعَ قَدْ طَمَسَتْهَا بَعْدَمَا جَرَى الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهَا.
وَحَلَّتْ تِلْكَ التَّقَالِيدُ مَحِلَّهَا حَتَّى ذَابَتْ هِيَ فِيهَا، وَخَفِيَتْ فَلَمْ تَعُدْ تُعْرَفُ، وَلِذَلِكَ جَاءَ مُحَمَّدٌ
-

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 400
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست