responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 383
(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
ذَكَّرَ اللهُ - تَعَالَى - الْعَرَبَ أَوَّلًا بِنِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ بِهَذَا الْبَيْتِ، أَنْ جَعَلَهُ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا، وَبِدُعَاءِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِبَلَدِ الْبَيْتِ وَاسْتِجَابَةِ اللهِ - تَعَالَى - دُعَاءَهُ
إِذْ جَعَلَهُ بَلَدًا آمِنًا تُجْبَى إِلَيْهِ الثَّمَرَاتُ مِنَ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ فَيَتَمَتَّعُ أَهْلُهُ بِهَا، وَهِيَ نِعَمٌ يَعْرِفُونَهَا لَا يُنْكِرُهَا أَحَدٌ، وَانْتَقَلَ مِنْهَا إِلَى التَّذْكِيرِ بِالنِّعَمِ الْمَعْنَوِيَّةِ فَذَكَرَ عَهْدَهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ بِأَنْ يُطَهِّرَا بَيْتَهُ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ؛ لِيُنَبِّهَهُمْ بِإِضَافَةِ الْبَيْتِ إِلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَلِيقُ أَنْ يُعْبَدَ فِيهِ غَيْرُهُ، وَبِتَطْهِيرِهِ لِأَجْلِ الطَّوَافِ وَالِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ أَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَنِ الْأَصْنَامِ وَالتَّمَاثِيلِ وَعِبَادَتِهَا الْفَاسِدَةِ وَعَنْ سَائِرِ الْأَعْمَالِ الذَّمِيمَةِ كَطَوَافِ الْعُرْيَانِ، وَكَانُوا يَفْعَلُونَهُ.
ثُمَّ ذَكَّرَهُمْ بَعْدَ هَذَا بِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الَّذِي بَنَى هَذَا الْبَيْتَ بِمُسَاعَدَةِ ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ، وَذَكَرَ لَهُمْ مِنْ دُعَائِهِمَا هُنَالِكَ مَا يُرْشِدُهُمْ إِلَى الْعِبَادَةِ الصَّحِيحَةِ وَالدِّينِ الْحَقِّ، وَيَجْذِبُهُمْ إِلَى الِاقْتِدَاءِ بِذَلِكَ السَّلَفِ الصَّالِحِ الَّذِي يَنْتَمُونَ إِلَيْهِ وَيُفَاخِرُونَ بِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَنْتَسِبُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ بِحَقٍّ وَتَدَّعِي أَنَّهَا عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ تَرَى أَنَّهَا أَهْدَى مِنَ الْفُرْسِ وَالرُّومِ، وَسَائِرُ الْعَرَبِ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ.
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمَا هُمَا اللَّذَانِ بَنَيَا هَذَا الْبَيْتَ لِعِبَادَةِ اللهِ - تَعَالَى - فِي تِلْكَ الْبِلَادِ الْوَثَنِيَّةِ، وَلَكِنَّ الْقَصَّاصِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ جَاءُونَا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَا قَصَّهُ اللهُ - تَعَالَى - عَلَيْنَا، وَتَفَنَّنُوا فِي رِوَايَاتِهِمْ عَنْ قِدَمِ الْبَيْتِ، وَعَنْ حَجِّ آدَمَ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَيْهِ، وَعَنِ ارْتِفَاعِهِ إِلَى السَّمَاءِ فِي وَقْتِ الطُّوفَانِ، ثُمَّ نُزُولِهِ مَرَّةً أُخْرَى، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ يُنَاقِضُ أَوْ يُعَارِضُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَهِيَ فَاسِدَةٌ فِي تَنَاقُضِهَا وَتَعَارُضِهَا، وَفَاسِدَةٌ فِي عَدَمِ صِحَّةِ أَسَانِيدِهَا، وَفَاسِدَةٌ فِي مُخَالَفَتِهَا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَسْتَحِ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ إِدْخَالِهَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 383
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست