responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 291
وَقِيلَ: بِذَنَبِهَا. وَقَالُوا: إِنَّهُمْ ضَرَبُوهُ فَعَادَتْ إِلَيْهِ الْحَيَاةُ وَقَالَ: قَتَلَنِي أَخِي أَوِ ابْنُ أَخِي فُلَانٍ إِلَى آخِرِ مَا قَالُوهُ، وَالْآيَةُ لَيْسَتْ نَصًّا فِي مُجْمَلِهِ فَكَيْفَ بِتَفْصِيلِهِ؟ وَالظَّاهِرُ مِمَّا قَدَّمْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْعَمَلَ كَانَ وَسِيلَةً عِنْدَهُمْ لِلْفَصْلِ فِي الدِّمَاءِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْقَاتِلِ إِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ قُرْبَ بَلَدٍ وَلَمْ يُعْرَفْ قَاتِلُهُ؛ لِيُعْرَفَ الْجَانِي مِنْ غَيْرِهِ، فَمَنْ غَسَلَ يَدَهُ وَفَعَلَ مَا رُسِمَ لِذَلِكَ فِي الشَّرِيعَةِ بَرِيءٌ مِنَ الدَّمِ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ الْجِنَايَةُ. وَمَعْنَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى - عَلَى هَذَا - حِفْظُ الدِّمَاءِ الَّتِي كَانَتْ عُرْضَةً لِأَنْ تُسْفَكَ، بِسَبَبِ الْخِلَافِ فِي قَتْلِ تِلْكَ النَّفْسِ، أَيْ يُحْيِيهَا بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ، وَهَذَا الْإِحْيَاءِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (5: 32) وَقَوْلِهِ: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) (2: 179) فَالْإِحْيَاءُ هُنَا مَعْنَاهُ الِاسْتِبْقَاءُ كَمَا هُوَ الْمَعْنَى فِي الْآيَتَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ) بِمَا يَفْصِلُ فِي الْخُصُومَاتِ، وَيُزِيلُ مِنْ أَسْبَابِ الْفِتَنِ وَالْعَدَاوَاتِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ) (4: 105) ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ مِثْلُ هَذَا التَّعْبِيرِ فِي آيَاتِ اللهِ فِي خَلْقِهِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ رُسُلِهِ، وَلَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ عَنْ شَيْخِنَا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ، وَلَكِنَّهُ قَالَ فِي تَعْلِيلِهَا مَا يُرَجِّحُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أَيْ تَفْقَهُونَ أَسْرَارَ الْأَحْكَامِ، وَفَائِدَةَ الْخُضُوعِ لِلشَّرِيعَةِ، فَلَا تَتَوَهَّمُونَ أَنَّ مَا وَقَعَ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الْوَاقِعَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ، بَلْ يَجِبُ أَنْ تَتَلَقَّوْا أَمْرَ اللهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِالْقَبُولِ مِنْ غَيْرِ تَعَنُّتٍ.
قَالَ - تَعَالَى -: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ
فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)
(أَقُولُ) : وَصَفَهُمُ اللهُ - تَعَالَى - بِأَنَّهُ قَدْ طَرَأَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ رُؤْيَةِ تِلْكَ الْآيَاتِ مَا أَزَالَ أَثَرَهَا مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَذَهَبَ بِعِبْرَتِهَا مِنْ عُقُولِهِمْ، فَقَالَ: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) فَالْعَطْفُ بِ (ثُمَّ) يُفِيدُ أَنَّ الْأَوَّلِينَ مِنْهُمْ قَدْ خَشَعَتْ قُلُوبُهُمْ لِمَا رَأَوْا فِي زَمَنِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا رَأَوْا، ثُمَّ خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ كَانَ أَمْرُ قَسْوَتِهَا مَا وَصَفَهُ - عَزَّ وَجَلَّ. وَالْقَسْوَةُ الصَّلَابَةُ وَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ، وَوَصْفُ الْقُلُوبِ بِالْقَسْوَةِ مَجَازُ تَشْبِيهٍ مِمَّا يُسَمُّونَهُ الِاسْتِعَارَةَ بِالْكِنَايَةِ، وَيَصِحُّ فِي (أَوْ) التَّرْدِيدُ وَالتَّشْكِيكُ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُخَاطَبِينَ لَا إِلَى الْمُتَكَلِّمِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 291
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست