responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 152
(قَالَ شَيْخُنَا) : وَأَخُصُّ طُلَّابَ عُلُومِ الدِّينِ بِالذِّكْرِ، فَيَنْبَغِي لِلطَّالِبِ أَنْ يُوَجِّهَ نَفْسَهُ إِلَى فَهْمِ الْقُرْآنِ، وَيَحْمِلَهَا عَلَى الِاهْتِدَاءِ بِهِ، فَإِذَا هُوَ فَعَلَ ذَلِكَ تَظْهَرُ عَلَيْهِ آدَابُ الْإِسْلَامِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الرَّسُولُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِقَوْلِهِ: ((أَدَّبَنِي رَبِّي فَأَحْسَنَ تَأْدِيبِي)) وَإِنَّمَا كَانَ أَدَبَهُ الْقُرْآنُ، وَمَنِ اشْتَغَلَ بِهَذَا حَقَّ الِاشْتِغَالِ، وَصَلَ إِلَى مَعْرِفَةِ أَمْرَاضِ
الْمُسْلِمِينَ الْحَاضِرَةِ، وَمَنَابِعِ الْبِدَعِ الَّتِي فَشَتْ فِيهِمْ، وَمَثَارَاتِ الْفِتَنِ الَّتِي فَرَّقَتْهُمْ، وَيَعْرِفُ عِلَاجَ ذَلِكَ، وَأَنَّ مَنْ ذَاقَ حَلَاوَةَ الْقُرْآنِ لَا يَنْظُرُ فِي كِتَابٍ وَلَا يَتَلَقَّى عِلْمًا، إِلَّا مَا يَفْتَحُ لَهُ بَابَ الْفَهْمِ فِي الْقُرْآنِ أَوْ مَا يَفْتَحُ لَهُ بَابَهُ الْقُرْآنُ فَيَجِدُهُ مِرْآتَهُ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مُبْعِدٌ عَنْهُ، وَالْبُعْدُ عَنِ الْقُرْآنِ هُوَ عَيْنُ الْبُعْدِ عَنِ اللهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ.
كُلُّ مَا أَمَرَنَا بِهِ الْقُرْآنُ وَأَرْشَدَنَا إِلَى النَّظَرِ فِيهِ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ اشْتِغَالٌ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا قَالَ: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) فَذَلِكَ تَنْبِيهٌ وَإِرْشَادٌ إِلَى الِاعْتِبَارِ بِمَا فِي خَلْقِنَا مِنَ الْحِكَمِ وَالْأَسْرَارِ، وَيَنْبَغِي لَنَا الْبَحْثُ عَنْهَا كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:
(وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (51: 20، 21) وَإِلَى الِاعْتِبَارِ بِتَارِيخِ مَنْ قَبْلَنَا، كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ) (30: 42) وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.
لَا يَتَّعِظُ الْإِنْسَانُ بِالْقُرْآنِ فَتَطْمَئِنَّ نَفْسُهُ بِوَعْدِهِ، وَتَخْشَعَ لِوَعِيدِهِ، إِلَّا إِذَا عَرَفَ مَعَانِيَهُ، وَذَاقَ حَلَاوَةَ أَسَالِيبِهِ، وَلَا يَأْتِي هَذَا إِلَّا بِمُزَاوَلَةِ الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ الْبَلِيغِ مَعَ النَّظَرِ فِي بَعْضِ النَّحْوِ، كَنَحْوِ ابْنِ هِشَامٍ وَبَعْضِ فُنُونِ الْبَلَاغَةِ كَبَلَاغَةِ عَبْدِ الْقَاهِرِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لَهُ ذَوْقٌ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست