قالوا سمعنا قولك وأطعنا أمرك ، لعلمهم بصدقك ولوجود الأدلة والبينات
المتظاهرة على ذلك ، وكذلك لو قالوا : اسمع منا ما نقول وانظرنا : أي أمهلنا
وانتظرنا ولا تعجل علينا حتى نتفهم عنك ما تقول ، لكان ذلك خيرا لهم وأصوب مما قالوه
، لما فيه من الأدب والفائدة وحسن العاقبة.
ثم بين عاقبة
أمرهم فقال :
(وَلكِنْ لَعَنَهُمُ
اللهُ بِكُفْرِهِمْ) أي ولكن خذلهم الله وأبعدهم عن الطاعة بسبب كفرهم ، إذا
مضت سنة الله فى البشر بأن الكفر يمنع صاحبه من التفكر والتروّى والأدب فى الخطاب
، ويجعله بعيدا من الخير والرحمة ، فلا يمتّ إليهما بسبب ، ولا يصل إليهما برحم
ولا نسب.
(فَلا يُؤْمِنُونَ
إِلَّا قَلِيلاً) أي فهم لا يؤمنون إلا إيمانا قليلا لا يعتدّ به ، فهو
لا يصلح عملا ولا يطهر نفسا ولا يرقى عقلا ، ولو كان إيمانهم بنبيهم وكتابهم
إيمانا كاملا لهداهم إلى التصديق بمن جاء مصدقا لما معهم من الكتاب ، وبين لهم ما
نسوا منه وما حرفوا فيه ، كما جاءهم بمكارم الأخلاق والنظم الكاملة فى الاجتماع
والتشريع ، وبما إن اتبعوه كانوا على الهدى والرشاد ، وعلى الحق والسداد.
الكتاب :
التوراة ، الطمس : إزالة الأثر بمحوه أو إخفائه كما تطمس آثار الدار وأعلام الطرق
، إما بأن تنقل حجارتها ، وإما بأن تسفوها الرياح ، ومنه الطمس على الأموال فى
قوله «رَبَّنَا
اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ» أي أزلها وأهلكها ، والطمس على