العاقبة ـ نهى عن التمني ، وهو التعرض لها بالقلب حسدا ، لتطهر أعمالهم
الباطنة ، فيكون الباطن موافقا للظاهر ، ولأن التمني قد يجرّ إلى الأكل ، والأكل
قد يقود إلى القتل ، فإن من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
الإيضاح
(وَلا تَتَمَنَّوْا ما
فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ، لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا
اكْتَسَبُوا ، وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) أي إن الله كلف كلا من الرجال والنساء أعمالا ، فما كان
خاصا بالرجال لهم نصيب من أجره لا يشاركهم فيه النساء ، وما كان خاصا بالنساء لهن
نصيب من أجره لا يشاركهن فيه الرجال ، وليس لأحدهما أن يتمنى ما هو مختص بالآخر
وقد أراد الله أن يختص النساء بأعمال البيوت ، والرجال بالأعمال الشاقة التي فى
خارجها ليتقن كل منهما عمله ، ويقوم بما يجب عليه مع الإخلاص.
وعلى كل منهما
أن يسأل ربه الإعانة والقوّة على ما نيط به من عمل ، ولا يجوز أن يتمنى ما نيط بالآخر
، ويدخل فى هذا النهى تمنى كل ما هو من الأمور الخلقية كالعقل والجمال ، إذ لا
فائدة فى تمنيها لمن لم يعطها ، ولا يدخل فيه ما يقع تحت قدرة الإنسان من الأمور
الكسبية ، إذ يحمد من الناس أن ينظر بعضهم إلى ما نال الآخرون ويتمنّوا لأنفسهم
مثله أو خيرا منه بالسعي والجدّ.
والخلاصة ـ إنه
تعالى طلب إلينا أن نوجه الأنظار إلى ما يقع تحت كسبنا ، ولا نوجهها إلى ما ليس فى
استطاعتنا ، فإنما الفضل بالأعمال الكسبية ، فلا تتمنوا شيئا بغير كسبكم وعملكم ،
قاله الأستاذ الإمام محمد عبده بتصرّف.
فعلى المسلم أن
يعتمد على مواهبه وقواه فى كل مطالبه ، بالجد والاجتهاد مع رجاء فضل الله فيما لا
يصل إليه كسبه ، إما للجهل به ، وإما للعجز عنه ، فالزارع يجتهد فى زراعته