«إِيَّاكَ
نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» وكما جاء فى قوله : «فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا
لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ».
(فَأُولئِكَ مَعَ
الْمُؤْمِنِينَ) أي فأولئك التائبون يكونون مع المؤمنين ، لأنهم يؤمنون
كإيمانهم ويعملون كعملهم فيجزون جزاءهم.
(وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ
الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً) أي وسوف يعطيهم الله الأجر العظيم الذي لا يقدر قدره ،
كما قال تعالى : «فَلا
تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ».
ثم بين أن
تعذيبهم إنما كان لكفرهم بأنعم الله عليهم فقال :
(ما يَفْعَلُ اللهُ
بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ؟) الاستفهام للإنكار. أي إنه تعالى لا يعذب أحدا من خلقه
انتقاما منه ، ولا طلبا لنفع ولا دفعا لضر ، لأنه تعالى غنى عن كل أحد ، منزه عن
جلب منفعة له ، وعن دفع مضرة عنه ، بل ذلك جزاء كفرهم بأنعم الله عليهم ، فهو قد
أنعم عليهم بالعقل والحواس والجوارح والوجدان ، لكنهم استعملوها فى غير ما خلقت
لأجله من الاهتداء بها لتكميل نفوسهم بالفضائل والعلوم والمعارف ، كما كفروا بخالق
هذه القوى فاتخذوا له شركاء ، ولا ينفعهم تسميتهم شفعاء أو وسطاء ، حتى فسدت
فطرتهم ، ودنست أرواحهم ، ولو آمنوا وشكروا لطهرت أرواحهم ، وظهرت آثار ذلك فى
عقولهم وسائر أعمالهم التي تصلحهم فى معاشهم ومعادهم ، واستحقوا بذلك رضوان الله «وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ
أَكْبَرُ».
(وَكانَ اللهُ شاكِراً
عَلِيماً) أي يجعل ثواب المؤمنين الشاكرين بحسب علمه بأحوالهم ،
ونيلهم من الدرجات أكثر مما يستحقون ، جزاء على شكرهم وإيمانهم كما قال : «وَإِذْ تَأَذَّنَ
رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَ