كنتم : أي
وجدتم وخلقتم ، أخرجت : أي أظهرت حتى تميزت وعرفت ، والأذى : الضر اليسير ، يولوكم
الأدبار : أي ينهرموا ، والذلة هى الذل الذي يحدث فى النفوس من فقد السلطة ،
وضربها عليهم هو إلصاقها بهم وظهور أثرها فيهم ، كما يكون من ضرب السكة بما ينقش
فيها ، وثقفوا وجدوا ، والحبل : العهد ، وباءوا : أي لبثوا وحلوا فيه ، من المباءة
وهو المكان ، ومنه تبوأ فلان منزل كذا ، وبوأته إياه ، والاعتداء : تجاوز الحد.
المعنى
الجملي
بعد أن أمر عز
اسمه عباده المؤمنين بالاعتصام بحبله ، وذكرهم بنعمته عليهم ، بتأليف قلوبهم
بأخوّة الإسلام ، وحذّرهم من أن يكونوا مثل أهل الكتاب فى التمرد والعصيان ، وتوعد
على ذلك بالعذاب الأليم ، واستطرد بين ذلك بذكر من يبيض وجهه ومن يسودّ ، وبذكر
شىء من أحوال الآخرة.
أردف ذلك ذكر
فضل المتآخين فى دينه ، المعتصمين بحبله ، ليكون هذا باعثا لهم على الانقياد
والطاعة ، إذ كونهم خير الأمم مما يقوّى داغيتهم فى ألا يفوّتوا على أنفسهم هذه
المزية ، وإنما يكون ذلك بالمحافظة على اتباع الأوامر وترك النواهي.