أن يعمل الإنسان العمل على أكمل وجوهه الممكنة ، والتقوى : أن يخاف الإساءة
والتقصير فيه ، حسبنا الله ، أي الله كافينا ، والوكيل : الكافي الذي توكل إليه
الأمور ، فانقلبوا ، أي فرجعوا ، والمراد بالنعمة : السلامة والثبات على الإيمان
وطاعة الرسول ، والفضل : هو الربح فى التجارة ، والشيطان هنا : شيطان الإنس الذي
غش المسلمين ليخذلهم ، وهو نعيم بن مسعود ، يخوّف أولياءه ، أي يخوفكم أنصاره من
المشركين.
المعنى
الجملي
بعد أن ذكر
سبحانه تثبيط المشركين للراغبين فى الجهاد بتحذيرهم عواقبه ، وأنه مفض إلى القتل
كما حدث يوم أحد ، والقتل بغيض إلى النفوس مكروه لها ، ثم أردفه بيان أن القتل
إنما يحدث بقضاء الله وقدره كما يحدث الموت ، فمن كتب له أن يقتل لا يمكنه أن
يبتعد من القتل ، ومن لم يقدّر له لا خوف عليه من الجهاد.
ذكر هنا ما
يحبب الجهاد فى سبيل الله ، فأبان أن المقتولين شهداء أحياء عند ربهم قد خصهم الله
بالقرب منه ، والكرامة لديه ، وأعطاهم أفضل أنواع الرزق وأوصلهم إلى مراتب الفرح
والسرور.
أخرج الإمام
أحمد فى جماعة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لما أصيب
إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم فى أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها
، وتأوى إلى قناديل من ذهب معلّقة فى ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم
وحسن مقيلهم قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا ، فقال الله تعالى : ـ
أنا أبلغهم عنكم ـ فأنزل الله هؤلاء الآيات».
الإيضاح
(وَلا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً) أي ولا تحسبن أيها السامع لقول المنافقين الذين ينكرون
البعث أو يرتابون فيه ، فيؤثرون الدنيا على الآخرة ـ أن من قتلوا فى سبيل الله
أمواتا قد فقدوا الحياة وصاروا عدما.