وهى الطامة الكبرى ، ويكون نذيرها ذلك الصوت الهائل الذي يحدث من تخريب
الكون ووقع بعض أجرامه على بعض ، ومن ثمّ سميت صاخة وقارعة ، شأن : أي شغل ، يغنيه
: أي يصرفه ويصده عن مساعدة ذوى قرابته ، قال شاعرهم :
سيغنيك حرب
بنى مالك
عن الفحش
والجهل فى المحفل
مسفرة : أي
مضيئة مشرقة ؛ يقال : أسفر الصبح إذا أضاء ، مستبشرة : أي فرحة بما نالت ، والغبرة
: ما يصيب الإنسان من الغبار ، ترهقها : أي تغشاها ، والقترة : سواد كالدخان ،
والفجرة : واحدهم فاجر ، وهو الخارج عن حدود الله المنتهك لحرماته.
المعنى
الجملي
بعد أن عدد
سبحانه آلاءه على عباده ، وذكّرهم بإحسانه إليهم فى هذه الحياة ، وبين أنه لا
ينبغى للعاقل بعد كل ما رأى أن يتمرد عن طاعة صاحب هذه النعم الجسام ـ أعقب هذا
بتفصيل بعض أحوال يوم القيامة وأهوالها التي توجب الفزع والخوف منه ، ليدعوه ذلك
إلى التأمل فيما مضى من الدلائل التي ترشد إلى وحدانيته وقدرته ، وصحة البعث
وأخبار يوم القيامة التي جاءت على ألسنة رسله ، ويتزوّد بصالح الأعمال التي تكون
نبراسا يضىء أمامه فى ظلمات هذا اليوم.
وذكر أن الناس
حينئذ فريقان : فريق ضاحك مستبشر ، فرح فرح المحب يلقى حبيبه ، وهو من كان يعتقد
الحق ويعمل للحق ، وفريق تعلو وجهه الغبرة ، وترهقه القترة ، وهو الذي تمرد على
الله ورسوله ، وأعرض عن قبول ما جاءه من الحقّ ، ولم يعمل بما أمر به من صالح
الأعمال.
الإيضاح
(فَإِذا جاءَتِ
الصَّاخَّةُ) أي فإذا جاء يوم القيامة حين يحدث ذلك للصوت الهائل
الذي يصخّ الأسماع ويصكها بشدته ـ فما أعظم أسف الكافرين ، وما أشد ندمهم.