والمراد هنا
الملائكة والأنبياء ، لأنهم وسائط بين الله وخلقه فى البيان عما يريد ، كرام :
واحدهم كريم ، بررة : واحدهم بارّ ، والمراد أنهم كرام على الله ، أطهار لا
يقارفون ذنبا.
المعنى
الجملي
بعد أن ذكر
سبحانه حادث ابن أم مكتوم وعتبه على رسوله فيما كان منه معه ، أردف ذلك ببيان أن
الهداية التي يسوقها الله إلى البشر على ألسنة رسله ، ليست من الأمور التي يحتال
لتقريرها فى النفوس وتثبيتها فى القلوب ، وإنما هى تذكرة يقصد بها تنبيه الغافل
إلى ما جبل الخلق عليه من معرفة توحيده ؛ فمن أعرض عن ذلك فإنه معاند يقاوم ما
يدعوه إليه حسه ، وتنازعه إليه نفسه.
فما عليك إلا
أن تبلغ ما عرفت عن ربك ، لتذكر به الناس ، وتنبه الغافل ، أما أن تحابى القوىّ
المعاند ، ظنا منك أن مداجاته ترده عن عناده ، فذلك ليس من شأنك ، «فَذَكِّرْ إِنْ
نَفَعَتِ الذِّكْرى».
وهذه الهداية
أودعها سبحانه فى الصحف الإلهية الشريفة القدر ، المطهرة من النقائص والعيوب ،
وأنزلها على الناس بوساطة ملائكته الكرام البررة.
الإيضاح
(كَلَّا إِنَّها
تَذْكِرَةٌ) أي ما الأمر كما تفعل أيها الرسول ، بأن تعبس فى وجه من
جاءك يسعى وهو يخشى ، وتقبل على من استغنى ، بل الهداية المودعة فى الكتب الإلهية
وأجلّها القرآن ، تذكير ووعظ وتنبيه لمن غفل عن آيات ربه.
وقد وصف سبحانه
تلك التذكرة بأوصاف تدل على ما لها من عظيم الشأن فقال :