وزجر نفسه عن هواها ، فلم تجر وراء شهواتها فالجنة منزله ومأواه ، جزاء ما
قدمت يداه.
الإيضاح
(فَإِذا جاءَتِ
الطَّامَّةُ الْكُبْرى) أي فإذا حل ذلك اليوم الذي تشيب من هوله الولدان ،
وتشاهد فيه النار ، فينسى المرء كل هول دونها ـ فصل الله بين الخلائق ، فأدخل
الطائعين الأبرار الجنة ، وأدخل المتمردين العصاة النار.
وقد وصف هذا
اليوم بوصفين :
(١) (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) أي حين يرى الإنسان أعماله مدوّنة فى كتابه وكان قد
نسيها فتعاوده الذكرى ، كما قال سبحانه : «أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ».
(٢) (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى) أي وأظهرت النار حتى يراها كل ذى عينين سواء منهم
المؤمن والكافر ، سوى أنها تكون مقرّا للكافرين ، وينجى الله المؤمنين.
والخلاصة ـ إذا
جاء ذلك اليوم فصل الله بين الخلائق كما فصّله بعد بقوله :
(فَأَمَّا مَنْ طَغى
وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا. فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) أي فأما من تكبر وتجاوز الحد وآثر لذات الحياة الدنيا ،
وشهواتها على ثواب الآخرة ، فالنار مثواه ومستقره.
(وَأَمَّا مَنْ خافَ
مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) أي وأما من حذر وقوفه بين يدى ربه يوم القيامة ، وأدرك
مقدار عظمته وقهره ، وغلبة جبروته وسطوته ، وجنب نفسه الوقوع فى محارمه ، فالجنة
مثواه وقراره.
وقد ذكر سبحانه
من أوصاف السعداء شيئين يضادان أوصاف الأشقياء :