ويرفعون راية العصيان فى وجهه ، وألّبوا الناس عليه ، وآذوا كل من اتبعه
وسلك سبيله ممن أنار الله بصائرهم ، وشرح صدورهم لمعرفة الحق.
كذلك قلب له
اليهود ظهر المجنّ بعد أن كانوا من قبل يستفتحون به ، إذا وجدوا نعته عندهم فى
التوراة ، فزعموا أن ما جاء به من الدين ليس بالبدع الجديد ، بل هو معروف فى كتبهم
التي جاءت على لسان أنبيائهم ، فلا ينبغى أن يتركوا ما هم عليه من الحق ، ليتبعوا
رجلا ما جاء بأفضل مما بين أيديهم ، بل قد بلغ الأمر بهم أن كانوا عليه مع
المشركين الذين كانوا يعاندونهم ويتهددونهم بأنهم سيتبعون هذا النبي وينصرونه.
ففى الرد على
مزاعم هؤلاء الكافرين الذين يجحدون واضح الحق ، ويغمضون أعينهم عن النظر فيه ـ نزلت
هذه السورة.
الإيضاح
(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى
تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) أي لم يكن الذين جحدوا رسالة
حمد صلى الله
عليه وسلم ، وأنكروا نبوته من اليهود والنصارى والمشركين بمفارقين لكفرهم ، تاركين
لما هم عليه من الغفلة عن الحق ، والوقوف عند ما كان عليه آباؤهم ولو كانوا لا
يعقلون شيئا ، حتى يأتيهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيحدث مجيئه رجّة فيما رسخ
من عقائدهم ، وتمكن من عاداتهم ، ومن ثم أخذوا يحتجون لعنادهم بأن ما جاء به هو ما
كان بين أيديهم وليس بمستحسن أن يتبع ، والبقاء على ما هم عليه أجدر وأجمل ،
والسير على نهج الآباء أشهى إلى النفس وأسلم.
ثم فسر البينة
التي تعرّفهم وجه الحق فقال :
(رَسُولٌ مِنَ اللهِ
يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) أي هذه البينة هى محمد صلى الله عليه وسلم يتلو لهم صحف
القرآن المطهرة من الخلط والزيغ والتدليس ، والتي