(وَالتِّينِ) أي قسما بعصر آدم أبى البشر الأول ، وهو العهد الذي طفق
فيه آدم وزوجه يخصفان عليهما من ورق الجنة.
(وَالزَّيْتُونِ) أي وقسما بعصر الزيتون عصر نوح عليه السلام وذريته
حينما أهلك الله من أهلك بالطوفان ، ونجّى نوحا فى سفينته ، وبعد لأى ما جاءته بعض
الطيور حاملة ورقة من هذا الشجر فاستبشر ، وعلم أن غضب الله قد سكن وأذن للأرض أن
تبتلع ماءها لتعمر ويسكنها الناس ، ثم أرسى السفينة ونزل هو وأولاده وعمروا الأرض.
وقصارى ذلك ـ إن
التين والزيتون يذكّران بهذين العصرين عصر آدم أبى البشر الأول ، وعصر نوح أبى
البشر الثاني.
(وَطُورِ سِينِينَ) وهو تذكير بما كان عند ذلك الجبل من الآيات الباهرات
التي ظهرت لموسى وقومه ، وما كان بعد ذلك من إنزال التوراة عليه ، وظهور نور
التوحيد بعد أن تدنست جوانب الأرض بالوثنية ، وما زال الأنبياء بعده يدعون أقوامهم
إلى التمسك بهذه الشريعة ، ثم عرضت لها البدع ، فجاء عيسى مخلّصا لها مما أصابها ،
ثم أصاب قومه ما أصاب الأمم قبلهم من الاختلاف فى الدين ، حتى منّ الله على الناس
بعهد النور المحمدي ، وإليه الإشارة بقوله :
(وَهذَا الْبَلَدِ
الْأَمِينِ) الذي شرفه الله بميلاد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم
وكرّمه بالبيت الحرام.
وخلاصة ما سلف
ـ إن الله أقسم بهذه العهود الأربعة التي كان لها أثر بارز فى تاريخ البشر ، وفيها
أنقذ الناس من الظلمات إلى النور.