responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المراغي نویسنده : المراغي، أحمد مصطفى    جلد : 30  صفحه : 191

صلى الله عليه وسلم فإنه قد ضاق به الأمر فى بادئ أمره قبل النبوة وبعدها إذ تألب عليه قومه ، لكن ذلك لم يثنه عن عزمه ، ولم يقلل من حدّه ، بل صبر على مكروههم وألقى بنفسه فى غمرات الدعوة متوكلا على ربه ، محتسبا نفسه عنده ، راضيا بكل ما يجد فى هذا السبيل من أذى ، ولم تزل هذه حاله حتى قيض الله له أنصارا أشربت قلوبهم حبه ، وملئت نفوسهم بالرغبة الصادقة فى الدفاع عنه وعن دينه ، ورأوا أن لا حياة لهم إلا بهدم أركان الشرك والوثنية ، فاشتروا ما عند الله من جزيل الثواب بأرواحهم وأموالهم وأزواجهم ، ثم كان منهم من فوّض دعائم الأكاسرة ، وأباد جيوش الأباطرة والقياصرة.

وقصارى ذلك ـ إنه مهما اشتد العسر ، وكانت النفس حريصة على الخروج منه ، طالبة كشف شدته ، مستعملة أجمل وسائل الفكر والنظر فى الخلاص منه ، معتصمة بالتوكل على ربها ، فإنها ولا ريب ستخرج ظافرة مهما أقيم أمامها من عقبات واعترضها من بلايا ومحن وفى هذا عبرة لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه سيبدّل حاله من الفقر إلى الغنى ، ومن قلة الأعوان إلى كثرة الإخوان ، ومن عداوة قومه إلى محبتهم إلى أشباه ذلك.

ثم أعاد الأسلوب للتوكيد فقال :

(إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) إذا احتملت ذلك العزيمة الصادقة ، وعملت بكل ما أوتيت من قوة على التخلص منه ، وقابلت ما يقع من عسر بالصبر والأخذ بأسباب تفريجه ولم تستبطئ الفرج ، فيدعوها ذلك إلى التواني ، وفتور العزيمة.

وبعد أن بين نعمه على رسوله ووعده بتفريج كربه ـ طلب منه أن يقوم بشكر هذه النعم بالانقطاع لصالح العمل والاتكال عليه دون من عداه فقال :

(فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) أي فإذا فرغت من عمل فاتعب فى مزاولة عمل آخر ، فإنك ستجد فى المثابرة لذة تقرّبها عينك ويثلج لها صدرك.

نام کتاب : تفسير المراغي نویسنده : المراغي، أحمد مصطفى    جلد : 30  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست