(لَسْتَ عَلَيْهِمْ
بِمُصَيْطِرٍ) أي لست عليهم بمسلط تجبرهم على ما تريد ، وتتعهد
أحوالهم ، وتكتب أعمالهم ، فلم نؤت قوة الإكراه على الإيمان ، والإلجاء إلى ما
تدعوهم إليه كما قال : «أَفَأَنْتَ
تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ؟» وقال : «وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ
بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ».
(إِلَّا مَنْ تَوَلَّى
وَكَفَرَ. فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) أي إنك وإن كنت داعيا وليس لك سلطان على ما فى نفوسهم ،
فالله هو المسيطر عليهم ، وصاحب السلطان على سرائرهم ؛ فمن تول منهم وأعرض عن
الذكرى ، وجحد الحق المعروض عليه ؛ فالله يعذبه العذاب الأكبر فى الآخرة ؛ وقد يضم
إلى ذلك عذابا فى الدنيا من قتل أو سبى الذرية أو غنيمة للأموال ، إلى نحو أولئك
من صنوف البلاء التي ينزلها بهم.
ثم أكد تعذيب
الله لمن تولى وكفر فقال :
(إِنَّ إِلَيْنا
إِيابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) أي لا مفرّ للمعرضين ، ولا خلاص لهم من الويل الذي
أوعدوا به ؛ فإنهم راجعون إلينا ، وقد حق القول منا فى عقابهم وسنحاسبهم على ما
كسبت أيديهم.
وفى هذا تسلية
لقلب رسوله ، وإزالة أحزانه وآلامه ، لتكذيبهم إياه ، وإصرارهم على معاندته.
وصلى الله على
محمد وآله البررة الكرام.
مقاصد
هذه السورة
تضمنت هذه
السورة ثلاثة مقاصد :
(١) وصف أهل
الجنة ووصف أهل النار.
(٢) ذكر عجائب
الصنعة الإلهية.
(٣) أمر رسوله
صلى الله عليه وسلم بالتذكير بما أرسل إليه من الشرائع.