روى : أنه عليه
السلام كان يصلى عند الكعبة ويقرأ القرآن ، وكان المشركون يجتمعون حوله حلقا حلقا
وفرقا فرقا يستمعون ويستهزئون ويقولون : إن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد
فلندخلنّ قبلهم ، فنزلت هذه الآيات.
الإيضاح
(فَما لِ الَّذِينَ
كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ. عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ) أي فما بالهم يسرعون إليك ، ويجلسون حواليك ، عن يمينك
وعن شمالك ، جماعات متفرقة ، نافرين منك ، لا يلتفتون إلى ما تلقيه عليهم من رحمة
الله وهديه ، ونصحه وإرشاده ، وما فيه سعادتهم فى معاشهم ومعادهم.
أخرج مسلم
وغيره عن جابر قال : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ونحن حلق متفرقون
، فقال : «مالى أراكم عزين ، ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربها؟ قالوا : وكيف
تصفّ الملائكة عند ربها؟ قال : يتمون الصفوف الاول ويتراصّون فى الصف» وقد كانت
عادتهم فى الجاهلية أن يجلسوا حلقا مجتمعين.
قال شاعرهم :
ترانا عنده
والليل داج
على أبوابه حلقا
عزينا
ثم أيأسهم من
نيلهم للسعادة التي يفوز بها من يستمعون القول فيتبعون أحسنه فقال :
(أَيَطْمَعُ كُلُّ
امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ؟ كَلَّا) أي أيطمع هؤلاء وهم نافرون من الرسول صلى الله عليه
وسلم ، معرضون عن سماع الحق ـ أن يدخلوا جنتى كما يدخلها المؤمنون المخبتون الذين
يدعون ربهم خوفا وطمعا؟ كلا لا مطمع لهم فى ذلك مع ما هم عليه.