قبلك : أي فى
الجهة التي تليك ، مهطعين : أي مسرعين نحوك ، مادّى أعناقهم إليك ، مقبلين بأبصارهم
عليك ، ليظفروا بما يجعلونه هزوا ، وأنشدوا :
بمكة أهلها
ولقد أراهم
إليه مهطعين
إلى السماع
عزين : أي فرقا
شتى حلقا حلقا ، قال عبيد بن الأبرص.
فجاءوا
يهرعون إليه حتى
يكونوا حول
منبره عزينا
واحدهم عزة ،
وأصلها عزوة ، لأن كل فرقة تعتزى وتنتسب إلى غير من تعتزى إليه الأخرى ، بمسبوقين
: أي بمغلوبين ، والأجداث : القبور ، واحدها جدث ، والسّراع : واحدهم سريع ،
والنصب (بضمتين) كل شىء منصوب كالعلم والراية وكذا ما ينصب للعبادة ، وهو المراد
هنا ، ويوفضون : أي يسرعون ، خاشعة أبصارهم :
أي ذليلة ، ترهقهم
: أي تغشاهم.
المعنى
الجملي
بعد أن وعد
المؤمنين بجنات النعيم مع الكرامة والإجلال ـ أردف ذلك بذكر أحوال الكافرين مع
الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأبان لهم خطأهم فيما يرجون من جنات النعيم على ما هم
عليه من كفر وجحود ، ثم توعدهم بالهلاك ، ولن يستطيع أحد دفعه عنهم ، ثم أمر رسوله
أن يدعهم وشأنهم حتى يوم البعث ، يوم يخرجون من قبورهم مسرعين كأنهم ذاهبون إلى
معبوداتهم الباطلة من الأصنام والأوثان ، (وقد كان من دأبهم أن يسرعوا حين الذهاب
إليها) وهم فى هذا اليوم تكون أبصارهم ذليلة ، وترهق وجوههم قترة ، لما تحققوا من
عذاب لا منجاة لهم منه ، وقد أوعدوه فى الدنيا فكذبوا به.