يسطرون : أي
يكتبون ، ممنون : أي مقطوع ؛ يقال منّه السير إذا أضعفه ، والمنين : الضعيف ،
المفتون : المجنون لأنه فتن ، أي ابتلى بالجنون.
المعنى
الجملي
أقسم ربنا
بالقلم وما يسطّر به من الكتب : إن محمدا الذي أنعم عليه بنعمة النبوة ليس
بالمجنون كما تدّعون ، وكيف يكون مجنونا والكتب والأقلام أعدت لكتابة ما ينزل عليه
من الوحى.
وقد أقسم
سبحانه بالقلم والكتب فتحا لباب التعليم بهما ، ولا يقسم ربنا إلا بالأمور العظام
؛ فإذا أقسم بالشمس والقمر ، والليل والفجر فإنما ذلك لعظمة الخلق وجمال الصنع ،
وإذا أقسم بالقلم والكتب فإنما ذاك ليعمّ العلم والعرفان ، وبه تتهذب النفوس ،
وترقى شئوننا الاجتماعية والعمرانية ، ونكون كما وصف الله «كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» ثم وعد رسوله بما سيكون له من جزيل الأجر على صبره على
احتمال أذى المشركين ، وأردف هذا بوصفه بحسن الخلق ورفقه بالناس امتثالا لأمره «خُذِ الْعَفْوَ
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ» قالت عائشة رضى الله عنها : كان خلقه القرآن.
ثم هدد
المشركين وتوعدهم بما سيتبين لهم من عاقبة أمره وأمرهم ، وأنه سيكون العزيز المهيب
فى القلوب وسيكونون الأذلاء ، وأنه سيستولى عليهم ويأسر فريقا ويقتل آخر ،
وسيعلمون حينئذ من المجنون؟ والله هو العليم بالمجانين الذين ضلوا عن سبيله ،
والعقلاء الذين اهتدوا بهديه.