يثابر على تعلّم آيات الله وحفظها وتلقنها والنظر فيها وعرضها على من
ينكرها ، رجاء قبوله إياها ، ليظهر بذلك تباين حال الفريقين : من يرغب فى تحصيل
آيات الله ، ومن يرغب عنها «وبضدها تتبين الأشياء» ثم عاد إلى ذكر السبب فى إنكار
البعث وهو حبّ بنى آدم للعاجلة ، وتركهم للآخرة ، ثم ذكر ما يكون فى ذلك اليوم من
استبشار المؤمنين وبسور المشركين وملاقاتهم للشدائد والأهوال ، وظنهم أن ستتراكم
عليهم الدواهي التي تكسر فقار ظهورهم.
الإيضاح
علّم الله
رسوله كيف يتلقى الوحى من الملك ، إذ كان يسابقه فى قراءته فأمره أن يستمع إليه
إذا جاء وقد كفل له : (١) أن يحفظه له. (٢) أن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه
إليه. (٣) أن يبينه ويفسره له.
وقد أشار إلى
الأول بقوله :
(لا تُحَرِّكْ بِهِ
لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) أي لا تحرك أيها الرسول الكريم بالقرءان لسانك وشفتيك ،
لتأخذه على عجلة مخافة أن يتفلّت منك ، فإن علينا أن نجمعه لك حتى تثبته فى قلبك.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحى يحرك به لسانه وشفتيه ،
فيشتد عليه ويعرف ذلك فى تحريكه شفتيه حتى نزلت الآية ، فكان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا أتاه جبريل أطرق ، فإذا ذهب قرأه كما أمره الله.
عن ابن جبير عن
ابن عباس قال : «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة بتحريك شفتيه
، فقال لى ابن عباس : أنا أحركهما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما ،
فحرك شفتيه ، فأنزل الله عز وجل : «لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ» رواه مسلم.