(وَلِلَّهِ ما فِي
السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي إن ما فى السموات وما فى الأرض تحت قبضته وسلطانه ،
وله التصرف فيه خلقا وملكا وتدبيرا ، فهو العليم به لا تخفى عليه خافية من أمره ،
فلا تظنوا أنه يهمل أمركم ، كلا ، فإنه مجاز كل نفس بما كسبت من خير أو شر ، وهذا
ما عناه سبحانه بقوله :
(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ
أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) أي فهو يجازى بحسب علمه المحيط بكل شىء ـ المحسن
بالإحسان ويدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار ، ويمتعه بنعيم لا يخطر على قلب بشر ،
والمسيء بصنيع ما أساء ، وبما دسّى به نفسه من ضروب الشرك والمعاصي ، وبما ران على
قلبه من كبائر الذنوب والآثام ، وقد أضله الله على علم ، وختم على سمعه وقلبه ،
وجعل على بصره غشاوة.
ثم ذكر أوصاف
المحسنين فقال :
(الَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) أي إن المحسنين هم الذين يبتعدون عما عظم شأنه من كبائر
المعاصي كالشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله بغير حق والزنا ، ولا تقع منهم إلا
صغائرها ، فيتوبون إلى ربهم ويندمون على ما فرط منهم.
والمشهور أن
الكبائر سبع وروى ذلك عن علىّ كرم الله وجهه واستدلوا عليه بما روى فى الصحيحين «اجتنبوا
السبع الموبقات : الإشراك بالله تعالى والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات».