وكان يفشى سره إليه ، وفى هذا دلالة على أنهم أشد منهم عذابا ، وأحق منهم
بما أوعدهم الله به.
والخلاصة ـ إن
الفريقين ظنوا أن الله لا ينصر رسوله ولا المؤمنين على الكافرين.
وقد دعا سبحانه
عليهم بأن ينزل بهم ما كانوا يظنونه بالمؤمنين من الدوائر وأحداث الزمان فقال :
(عَلَيْهِمْ دائِرَةُ
السَّوْءِ) أي عليهم تدور الدوائر ، وسيحيق بهم ما كانوا يتربصونه
بالمؤمنين من قتل وسبى وأسر لا يتخطاهم.
ثم بين ما
يستحقونه من الغضب واللعنة فقال :
(وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ
وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) أي ونالهم غضب من الله وأبعدهم فأقصاهم من رحمته ،
وأعدّ لهم جهنم يصلونها يوم القيامة ، وساءت منزلا يصير إليه هؤلاء المنافقون
والمنافقات والمشركون والمشركات.
(وَلِلَّهِ جُنُودُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الملائكة والإنس والجن ، والصيحة والرجفة والحجارة
والزلازل والخسف والغرق ونحو ذلك ـ أنصارا على أعدائه إن أمرهم بإهلاكهم أهلكوهم
وسارعوا مطيعين لذلك.
وفائدة إعادة
هذه الجملة ـ بيان أن لله جنودا للرحمة وجنودا للعذاب ، فذكرهم أوّلا بيانا
لإنزالهم للرحمة ، وأنهم يدخلون الجنة مكرمين معظمين ، وذكرهم ثانيا بيانا لإنزال
العذاب على الكافرين فى نار جهنم كما قال : «عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا
يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ».
روى أنه لما
جرى صلح الحديبية قال ابن أبىّ : أيظن محمد أنه إذا صالح أهل مكة أو فتحها لا يبقى
له عدوّ ، فأين فارس والروم ـ فبيّن سبحانه أن جنود السموات والأرض أكثر من فارس
والروم.
(وَكانَ اللهُ عَزِيزاً
حَكِيماً) أي وكان الله غالبا فلا يرد بأسه ، حكيما فيما دبره
لخلقه.