مبين : أي ظاهر
الكفر ، من أبان بمعنى ظهر ، أصفاكم : أي اختار لكم ، ضرب : أي جعل ، مثلا : أي
شبها أي مشابها بنسبة البنات إليه ، لأن الولد يشبه الوالد ، كظيم : أي ممتلىء
غيظا وغما ، ينشّأ : أي يربّى ، فى الحلية : أي فى الزينة ، الخصام : أي الجدل ،
غير مبين : أي غير مظهر حجته لعجزه عن الجدل ، يخرصون : أي يكذبون ، مستمسكون : أي
متمسكون ومعوّلون ، على أمة : أي على طريقة خاصة ، مترفوها : أي أهل الترف والنعمة
فيها الذين أبطرتهم الشهوات ، فلا ينظرون إلى ما يوصلهم إلى الحق ، مقتدون : أي
سالكون طريقتهم.
المعنى
الجملي
بعد أن ذكر
سبحانه أنهم يعترفون بالألوهية لله وأنه خالق السموات والأرض ، أردف هذا ببيان
أنهم متناقضون مكابرون ، فهم مع اعترافهم لله بخلق السموات والأرض يصفونه بصفات
المخلوقين المنافية لكونه خالقا لهما ، إذ جعلوا الملائكة بنات له ولا غرو ،
فالإنسان من طبعه الكفران وجحود الحق ، ومن عجيب أمرهم أنهم أعطوه أخس صنفى
الأولاد ، وما لو بشّر أحدهم به اسودّ وجها وامتلأ غيظا ، ومن يتربى فى الزينة وهو
لا يكاد يبين حين الجدل ، فلا يظهر حجة ولا يؤيد رأيا ، واختاروا لأنفسهم الذكران
، ثم أعقبه بالنعي عليهم فى جعلهم الملائكة إناثا ، وزاد فى الإنكار عليهم ببيان
أن مثل هذا الحكم لا يكون إلا عن مشاهدة ، فهل هم شهدوا ذلك؟ ثم توعدهم على هذه
المقالة وأنه يوم القيامة يجازيهم بها.
ثم حكى عنهم
شبهة أخرى ، قالوا : لو شاء الله ألا نعبد الملائكة ما عبدناها ، لكنه شاء عبادتها
لأنها هى المتحققة فعلا فتكون حسنة ويمتنع النهى عنها ، ثم رد مقالهم بأن المشيئة
إنما هى ترجيح بعض الأشياء على بعض ، ولا دخل لها فى حسن أو قبح وبعد أن أبطل
استدلالهم العقلي نفى أن يكون لهم دليل نقلى على صحة ما يدّعون ،