محمد كما تدّعون ، وإننا لن نترك تذكيركم به لأجل إعراضكم عنه ، وانهماككم
فى الكفر به ، رحمة منا ولطفا بكم ، ثم حذّرهم وأنذرهم بأن كثيرا من الأمم قبلهم
ممن كانوا أشد منهم قوة ـ كذبوا رسلهم فكان عاقبتهم ما رأيتم ، وحل بهم ما تشاهدون
آثاره.
الإيضاح
(حم) تقدم الكلام فى مثل هذا من قبل.
(وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ) أي والقرآن المبين لطريق الهدى والرشاد ، الموضح لما
يحتاج إليه البشر فى دنياهم وآخرتهم ليفوزوا بالسعادة ، فمن سلك سبيله فاز ونجا ،
ومن تنكّب عنه خاب سعيه ، وضل سواء السبيل.
(إِنَّا جَعَلْناهُ
قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي إنا أنزلناه قرآنا عربيا إذ كنتم أيها المنذرون به
عربا ، لتعقلوا ما فيه من عبر ومواعظ ، ولتتدبروا معانيه ، ولم ينزله بلسان العجم
حتى لا تقولوا نحن عرب ، وهذا كلام أعجمى لا نفقه شيئا مما فيه.
ثم بين شرفه فى
الملإ الأعلى تعظيما له ، وليطيعه أهل الأرض فقال :
(وَإِنَّهُ فِي أُمِّ
الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) أي وإن هذا الكتاب فى علمه الأزلى رفيع الشأن ، لاشتماله
على الأسرار والحكم التي فيها سعادة البشر وهدايتهم إلى سبيل الحق.
ونحو الآية
قوله تعالى : «إِنَّهُ
لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ. لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ.
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ».
(أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ
الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ؟) أي أنترك إنذاركم وتذكيركم بالقرآن ، لانهماككم فى
الكفر والإعراض عن أوامره ونواهيه؟ كلا.