من الدين القويم ، بل اتبعوا ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس ، فحرّموا
عليهم ما حرموا من البحيرة والسائبة والوصيلة ، وحللوا لهم أكل الميتة والدم
والقمار إلى نحو أولئك من الضلالات والجهالات التي كانوا قد اخترعوها فى الجاهلية.
وقد ثبت فى
الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : «رأيت عمرو بن لحىّ بن قمنعة يجر
قصبه ـ أمعاءه ـ فى النار» لأنه أول من سيّب السوائب وحمل قريشا على عبادة الأصنام
، وكان أحد ملوك خزاعة.
وقصارى ذلك ـ إن
الشيطان زين لهم الشرك والمعاصي والشرائع المضلة وإنكار البعث والعمل للدنيا.
ثم بين أنه
رحمة بعباده أخّر عذاب المشركين ليوم معلوم ولم يعجله لهم فقال :
(وَلَوْ لا كَلِمَةُ
الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي ولو لا القضاء السابق منه تعالى بتأخير العذاب إلى
يوم القيامة لعوجلوا بالعذاب كما قال سبحانه : «بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ».
(وَإِنَّ الظَّالِمِينَ
لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي وإن الظالمين أنفسهم بشرع ما لم يأذن به الله مما
ابتدعوه من التحليل والتحريم ـ لهم عذاب شديد الإيلام فى جهنم وبئس المصير.
ثم ذكر أحوال
أهل العقاب وأهل الثواب يوم القيامة مبتدئا بالأولين فقال :
(تَرَى الظَّالِمِينَ
مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) أي ترى الظالمين خائفين أشد الخوف مما كسبوا من السيئات
وهو واقع بهم لا محالة أشفقوا أو لم يشفقوا.
وذكر الآخرين
بقوله :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ) أي والذين آمنوا بالله وأطاعوه فيما أمر به ونهى عنه ـ لهم
فى الآخرة روضات الجنات متمتعين بمحاسنها ولذاتها.