(وَخَتَمَ عَلى
سَمْعِهِ) أي وقد طبع على سمعه ، فلا يتأثر بالآيات تتلى عليه
ليعتبر بها ، ولا يتدبرها ليعقل ما فيها من النور والهدى.
(وَقَلْبِهِ) أي وختم على قلبه ، فلا يعى حقّا ، ولا يسترشد إلى
صواب.
(وَجَعَلَ عَلى
بَصَرِهِ غِشاوَةً) تمنعه أن يبصر حجج الله وآياته فى الآفاق والأنفس ،
فيستدل بها على وحدانيته ويعلم بها أن لا إله غيره.
قال مقاتل :
نزلت فى أبى جهل. ذلك أنه طاف بالبيت ذات ليلة ومعه الوليد ابن المغيرة ، فتحدثا
فى شأن النبي صلّى الله عليه وسلم ، فقال أبو جهل : والله إنى لأعلم أنه صادق ،
فقال له مه ، وما دلك على ذلك؟ قال : يا أبا عبد شمس كنا نسميه فى صباه الصادق
الأمين ، فلما تم عقله وكمل رشده نسميه الكذاب الخائن ، والله إنى لأعلم أنه صادق
، قال فما يمنعك أن تصدقه وتؤمن به؟ قال : تتحدث عنى بنات قريش أنى اتبعت يتيم أبى
طالب من أجل كسرة ، واللات والعزّى إن اتبعته أبدا فنزلت «وختم على سمعه وقلبه».
(فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ
بَعْدِ اللهِ؟ أَفَلا تَذَكَّرُونَ؟) أي فمن يوفقه لإصابة الحق ، وإبصار محجة الرشد بعد
إضلال الله إياه ، أي لا أحد يستطيع أن يفعل ذلك ، أفلا تتذكرون أيها القوم
فتعلموا أن من فعل الله به ما وصفنا ، فلن يهتدى أبدا ، ولن يجد لنفسه وليا ولا
مرشدا.