(كَالْمُهْلِ يَغْلِي
فِي الْبُطُونِ. كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) أي وهذا الطعام الذي يشبه دردىء الزيت الأسود ـ يغلى فى
بطون الكفار ويكون كالماء الحار إذا اشتد غليانه.
(خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ
إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) أي ويقال للزبانية «خدم جهنم» خذوا هذا المجرم فادفعوه
دفعا إلى وسط جهنم ، لينال قسطه من عذابها.
(ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ
رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) أي وبعد أن تدخلوه فيها صبّوا فوق رأسه من الماء الساخن
الذي ذكرنا صفته.
ونحو الآية
قوله تعالى : «يُصَبُّ
مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ. يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ
وَالْجُلُودُ».
ثم ذكر ما يقال
له آنئذ تقريعا وتهكما.
(ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) أي ذق هذا الذل والهوان اليوم ، فإنك كنت تزعم أنك أنت
العزيز الكريم ، وها هو ذا قد تبين لك أنك أنت الذليل المهين ، فأين ما كنت تقول
وتدعى من العز والكرامة؟ فهلا تمتنع من العذاب بعزتك.
أخرج الأموى فى
مغازيه عن عكرمة قال : لفى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا جهل فقال له : إن
الله أمرنى أن أقول لك : أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى ، فنزع يده من يده وقال
بأى شىء تهددنى ، ما تستطيع أنت ولا صاحبك أن تفعلا بي شيئا ، إنى لمن أعز هذا
الوادي وأكرمه ، لقد علمت أنى أمنع أهل بطحاء على قومه ، فقتله الله يوم بدر وأذله
، وعيّره بكلمته ، فأنزل «ذُقْ
إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ».
(إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ
بِهِ تَمْتَرُونَ) أي إن هذا العذاب. الذي تعذبون به هو العذاب الذي كنتم
تشكّون فيه فى الدنيا ، فتختصمون فيه ، ولا توقنون به ، فقد لقيتموه فذوقوه.