والخلاصة ـ إن
له عز وجل جميع ما في السموات وما في الأرض ، خلقا وملكا وتصرفا بالإيجاد والإعدام
والإحياء والإماتة.
ولما بين
اختصاصه بالحمد في الدنيا أعقبه ببيان أن له وحده الحمد في الآخرة فقال :
(وَلَهُ الْحَمْدُ فِي
الْآخِرَةِ) أي وله الحمد في الآخرة خالصا دون سواه على ما أنعم به
فيها كما حكى عن أهلها من قولهم : «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ
وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ» وقولهم : «الحمد لله الّذى أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا
لغفور شكور. الّذى أحلّنا دار المقامة من فضله».
(وَهُوَ الْحَكِيمُ
الْخَبِيرُ) أي وهو المدبّر لشئون خلقه على ما تقتضيه الحكمة ،
الخبير ببواطن الأمور ومكنوناتها.
ثم فصل بعض ما
يحيط به علمه من الأمور التي نيطت بها مصالح عباده الدنيوية والأخروية فقال :
(يَعْلَمُ ما يَلِجُ
فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها) أي يعلم ما يدخل في الأرض كالغيث ينفذ في موضع وينبع في
آخر ، وكالكنوز والدفائن والأموات ، وما يخرج منها كالحيوان والنبات والغازات وماء
العيون والمعادن التي مضى عليها آلاف السنين ، ومخلّفات الأمم ومصنوعاتهم كمخلفات
المصريين القدماء ونقوش آشور وبابل وعجائب أهل سبأ وصناعاتهم ، مما استخرجه علماء
العاديات من الأوربيين في القرن الماضي والعصر الحاضر ، ولا يزالون كل يوم يكشفون
جديدا يدل على أن الشرق كان ذا مدنية وحضارة لا يدانيها أعظم ما يوجد في الغرب
الآن في أرقى ممالكه.