بعد أن ذكر
فيما سلف أن من يؤذى الله ورسوله يلعنه الله في الدنيا والآخرة ، ولا شك أن هذا في
الإيذاء الذي يؤدى إلى الكفر ، وقد حصره الله في النفاق ومرض القلب والإرجاف على
المسلمين ـ أعقب ذلك بإيذاء دون ذلك لا يورث الكفر كعدم الرضا بقسمة النبي صلّى
الله عليه وسلم للفىء ، ونهى الناس عنه أيضا ، وذكر أن بنى إسرائيل قد آذوا موسى
ونسبوا إليه ما ليس فيه ، فبرأه الله منه ، لأنه ذو كرامة ومنزلة لديه ، فلا يلصق
به ما هو نقص فيه
الإيضاح
يا أيها الذين
آمنوا بالله ورسوله ، لا تؤذوا الرسول بقول يكرهه ، ولا بفعل لا يحبه ، ولا تكونوا
أمثال الذين آذوا موسى نبى الله فرموه بالعيب كذبا وباطلا ، فبرأه الله مما قالوه
من الكذب والزور ، بما أظهر من الأدلة على كذبهم ، وقد كان موسى ذا وجاهة وكرامة
عند ربه ، لا يسأله شيئا إلا أعطاه إياه.
ولم يعين لنا
الكتاب الكريم ما قالوا في موسى ، ومن الخير ألا نعيّنه حتى لا يكون ذلك رجما
بالغيب دون أن يقوم عليه دليل ، وقد اختلفوا فيه أهو عيب في بدنه كبرص ونحوه ، أم
هو عيب في خلقه؟ فقد رووا أن قارون حرّض بغيّا على قذفه بنفسها ، فعصمه الله من
كذبها ، وقيل إنهم اتهموه بقتل هارون لما خرج معه إلى الطور ومات هناك ، ثم استبان
لهم بعد أنه مات حتف أنفه.
روى الشيخان عن
عبد الله بن مسعود قال : «قسم رسول الله ذات يوم قسما فقال رجل من الأنصار : إن
هذه القسمة ما أريد بها وجه الله فاحمرّ وجهه ثم قال : رحمة الله على موسى فقد
أوذى بأكثر من هذا فصبر».
وروى أحمد عنه
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لأصحابه «لا يبلّغنّى أحد عن أحد من أصحابى
شيئا ، فإنى أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر».