والخلاصة ـ إن
المؤمن بصير سميع نيّر القلب يمشى على صراط مستقيم في الدنيا والآخرة حتى يستقر به
الحال في الجنات ذات الظلال والعيون ، والكافر أعمى وأصم يمشى في ظلمات لا خروج له
منها ، فهو يتيه في غيه وضلاله في الدنيا والآخرة حتى يفضى به ذلك إلى حرور وسموم
، وحميم وظل من يحموم ، لا بارد ولا كريم.
ثم بين أن
الهداية والتوفيق بيده سبحانه وحده فقال :
(إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ
مَنْ يَشاءُ) أي إن الله يهدى من يشاء إلى سماع الحجة وقبولها بخلق
الاستعداد فيه للهداية.
ثم ضرب مثلا
لهؤلاء المشركين وجعلهم كالأموات لا يسمعون فقال :
(وَما أَنْتَ
بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) أي فكما لا تقدر أن تسمع من في القبور كتاب الله ،
فتهديهم به إلى سبيل الرشاد ، لا تقدر أن تنفع بمواعظ الله وحججه من كان ميت القلب
لا يستطيع فهم كتابه ومعرفة مغازى الدين وأسراره.
والخلاصة ـ كما
لا ينتفع الأموات بعد أن صاروا إلى قبورهم وهم كفار بالهداية والدعوة إليها ـ كذلك
هؤلاء المشركون لا حيلة لك فيهم ولا تستطيع هدايتهم.
ثم بين عمل
الرسول فقال :
(إِنْ أَنْتَ إِلَّا
نَذِيرٌ) أي ما أنت إلا منذر عقاب الله لهؤلاء المشركين الذين
طبع على قلوبهم ، ولم تكلّف هدايتهم وقبولهم ما جئتهم به ، فإن ذلك بيده تعالى لا
بيدك ولا بيد غيرك ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن هم لم يستجيبوا لك.
ثم بين سبحانه
أنه ليس نذيرا من تلقاء نفسه ، بل بإذن ربه وإرادته وأنه ما جاء إلا بالحق فقال :
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ
بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً) أي إنا أرسلناك أيها الرسول بالإيمان بي وحدي ،
وبالشرائع التي فرضتها على عبادى ، مبشرا بالجنة من صدقك وقبل منك ما جئت به من
عندى ، ومنذرا بعقاب من كذبك وردّ عليك ما أوحى به إليك.