سبيل الله دينه
لأنه طريق إلى مرضاته ، يقاتلونكم : أي يتوقع منهم قتالكم ، ولا تعتدوا : أي لا
تبدءوهم بالقتال ، محبة الله لعباده إرادة الخير والثواب لهم ، والمعتدون أي الذين
جاوزوا ما حده الله لهم من الشرائع والأحكام ، والثقف : الحذق في إدراك الشيء علما
كان أو عملا ، وقد يستعمل في مطلق الإدراك ، من حيث أخرجوكم :
أي من مكة ،
والفتنة من قولهم فتن الصائغ الذهب إذا أذابه في النار ليستخرج منه الزّغل ، ثم
استعملت في كل اختبار شاقّ كالإخراج من الوطن المحبب من الطباع السليمة والفتنة في
الدين ، ويكون الدين لله ؛ أي ويكون دين كل شخص خالصا لله لا أثر لخشية غيره فيه ،
فلا يفتن بصده عنه ولا يؤذى فيه ، ولا يحتاج إلى مداهنة ومحاباة ، أو استخفاء
ومداراة.
المعنى
الجملي
بعد أن ذكر في
الآية السابقة أن الأهلة مواقيت للناس في عبادتهم ومعاملاتهم ولا سيما الحج ، فهو
يكون في أشهر هلالية خاصة كان القتال فيها محرما في الجاهلية ؛ بين هنا أنه لا حرج
عليكم في القتال في هذه الأشهر دفاعا عن دينكم ، وتربية لمن يفتنكم عنه ، وينكث
العهد لا لحظوظ النفس وشهواتها وحبّ سفك الدماء.
وقد روى عن ابن
عباس أن هذه الآية نزلت في صلح الحديبية ؛ ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
صدّ عن البيت ، ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه القابل ، ويخلوا له مكة ثلاثة
أيام يطوف ويفعل ما يشاء ، فلما كان العام القابل تجهز هو وأصحابه لعمرة القضاء ،
وخافوا ألا تفى لهم قريش ، وأن يصدوهم عن المسجد الحرام بالقوة ويقاتلوهم ، وكره
أصحابه قتالهم في الحرم والشهر الحرام ، فأنزل الله الآية.