تعاون ولا تناصر ، بل تباغض وتحاسد ، ولا سيما بين الأقارب ، ولو شمل الناس
الوفاء لسلموا من هذا البلاء.
(وَالصَّابِرِينَ فِي
الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ) أي والصابرين لدى الفقر والشدة ، وعند الضر من مرض وفقد
أهل وولد ومال ، وفي ميادين القتال ، ولدى الضرب والطعان ومنازلة الأقران.
وخص هذه
المواطن الثلاثة مع أن الصبر محمود في جميع الأحوال ، لأن من صبر فيها كان في
غيرها أصبر ؛ فالفقر إذا اشتدت وطأته ضاق به الصدر ، وكاد يفضى إلى الكفر ، والضرّ
إذا برّح بالبدن أضعف الأخلاق والهمم ، وفي الحرب التعرض للهلاك بخوض غمرات
المنيّة والظفر مقرون بالصبر ، وبالصبر يحفظ الحقّ الذي يناضل صاحبه دونه ، وقد
ورد في الأحاديث الصحيحة أن الفرار من الزّحف من أكبر الكبائر.
وباتباع هذه
الأوامر كانت الأمة الإسلامية أعظم أمة حربية في العالم ، وما زال استبداد الحكام
يفسد من بأسها ، وترك الاهتداء بالكتاب والسنة يضعف من قوتها ، حتى سبقتها الأمم
كلها في ميادين الكفاح.
(أُولئِكَ الَّذِينَ
صَدَقُوا) فى دعواهم الإيمان ، دون الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم
تؤمن قلوبهم.
(وَأُولئِكَ هُمُ
الْمُتَّقُونَ) أي وأولئك هم الذين جعلوا بينهم وبين سخط الله وقاية ،
بالبعد عن المعاصي التي توجب خذلان الله في الدنيا ، وعذابه في الآخرة.
وقال بعض
العلماء : من عمل بهذه الآية فقد كمل إيمانه ، ونال أقصى مراتب إيقانه.