وما يجيئهم بغير حساب فهو بعنايته وفضله ، وما تعذر عليهم من الأمور
يفوضونه إليه ، ولا يعوّلون إلا عليه.
ثم ذكر بعد هذا
وعيد متخذى الأنداد قال :
(وَلَوْ يَرَى
الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً
وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) أي ولو يشاهد الذين ظلموا أنفسهم بتدنيسها بالشرك ،
وظلم الناس وغشهم ، بحملهم على أن يحذو حذوهم ، ويتخذوا الأنداد مثلهم ، حين يرون
العذاب في الآخرة ، فتقطع بهم الأسباب ، ولا تغنى عنهم الأنداد والأرباب ، أن
القوة لله وحده ، بها يتصرف في كل موجود ، لعلموا أن هذه القوة التي تدبر عالم
الآخرة هى عين القوة التي تدبر عالم الدنيا ، وأنهم كانوا ضالين حين لجئوا إلى
سواها ، وأشركوا معها غيرها ، وكان ذلك منشأ عقابهم وعذابهم.
وأمثال هذا
العذاب على من يشوب إيمانه بأدنى شائبة من الشرك كثير في القرآن والسنة الصحيحة ،
وعليه جرى السلف الصالح ، وهو حجة على من يعمل بأقوال أناس من الموتى ممن لا يعرف
له تاريخ يوثق به ، ولا رواية يصح الاعتماد عليها ، مع تركهم لكلام الله ورسوله
وكلام أئمة السلف.
ثم بين حال
التابعين والمتبوعين يوم القيامة حتى ينكشف الغطاء ، ويرى الناس بأعينهم العذاب ،
فقال :
(إِذْ تَبَرَّأَ
الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ
وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) أي حين يتبرأ الرؤساء المضلون الذين اتّبعوا من أتباعهم
الذين أغووهم في الدنيا ويتنصلون من إضلالهم ، لأنه قد ضاعف عذابهم وحملهم أوزارا
فوق أوزارهم ، وتتقطع الروابط التي كانت بينهم في الدنيا ؛ ولكن ذلك لا يجديهم
نفعا ؛ فهو إنما حصل لرؤيتهم العذاب ماثلا أمام أعينهم ، بما اقترفوا من السيئات
وجنوه من الآثام ، فأنّى يفيدهم التبرؤ مما صنعوا؟.
(وَقالَ الَّذِينَ
اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا
مِنَّا) أي وقال التابعون : ليت لنا رجعة إلى الدنيا فنتبع سبيل
الحق ، ونأخذ بالتوحيد الخالص ، ونهتدى بكتاب