يستقبلها الإنسان في الصلاة ، والصراط الطريق ، والمستقيم المستوي المعتدل
من الأفكار والأعمال والأخلاق ، وهو ما فيه الحكمة والمصلحة ، والوسط العدل
والخيار ، والزيادة على ذلك إفراط ، والنقص عنه تفريط وتقصير ، وكلاهما مذموم ،
والفضيلة في الوسط كما قيل :
ولا تغل في
شىء من الأمر واقتصد
كلا طرفى قصد
الأمور ذميم
يقال انقلب على
عقبيه عن كذا إذا انصرف عنه بالرجوع إلى الوراء وهو طريق العقبين ؛ الرأفة رفع
المكروه وإزالة الضرر ، والرحمة أعمّ إذ تشمل دفع الضرر ، وفعل الإحسان.
المعنى
الجملي
كان النبي صلى
الله عليه وسلم وهو بمكة يستقبل الصخرة التي في المسجد الأقصى ببيت المقدس في
الصلاة ، كما كان أنبياء بنى إسرائيل قبله يفعلون ذلك ، ولكنه كان يحب استقبال
الكعبة ويتمنى لو حوّل الله القبلة إليها ، ومن ثمّ كان يجمع بين استقبالها
واستقبال الصخرة ، فيصلى جهة جنوب الكعبة مستقبلا الشمال.
فلما هاجر إلى
المدينة صلى مستقبلا بيت المقدس فحسب لتعذر الجمع بينهما ، وبقي على ذلك ستة عشر
شهرا كان في أثنائها يتوجه إلى الله أن يجعل الكعبة هي القبلة لأنها قبلة أبيه
إبراهيم ، فأمره الله بذلك ونزل قوله : «قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ» إلخ فقال اليهود والمشركون والمنافقون : ما الذي دعاهم
إلى تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة؟
وقد بدأ الكلام
بما سيقع من اعتراضهم على التحويل ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم به قبل وقوعه
، ولقّنه الحجة البالغة والحكمة فيه ، ليوطّن نفسه عليه ، فإن مفاجأة المكروه أشدّ
إيلاما ، والعلم به قبل وقوعه يبعد القلق عن النفس ، وليعدّ