٦ ـ (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) أي توجيه الرياح وتصريفها بحسب الإرادة ووفق النظام على
السنن الحكيمة ، فمنها الملقحة للنبات كما قال تعالى : «وَأَرْسَلْنَا
الرِّياحَ لَواقِحَ» ومنها العقيم ، وهى في الأغلب تهب من جهة من الجهات الأربع ، وقد تكون
متناوحة : أي تهب من كل ناحية ، وتارة تأتى نكباء بين بين ، يدل على وحدة مصدرها
ورحمة مدبرها.
٧ ـ (وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ
وَالْأَرْضِ) أي الغيم الذي ذلل وسحب فى الجواء لإنزال الأمطار في
مختلف البلاد ، وتكوّن بنظام ، واعترض بين السماء والأرض بحسب السنة الإلهية في
اجتماع الأجسام اللطيفة وافتراقها وعلوها وهبوطها ، مما يدهش لرؤيته الناظر قبل أن
يألفه ويأنس به.
(لَآياتٍ لِقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ) أي في كل هذه الظواهر عبر ومواعظ لمن يعقل ويتدبر وينظر
في الأسباب ، ليدرك الحكم والأسرار ، ويميز بين النافع والضار ، ويستدل بما فيها
من الإتقان والإحكام ، على قدرة مبدعها وحكمته ، وعظيم رحمته ، وأنه المستحق
للعبادة دون غيره من خلقه.
وفي الحديث «ويل
لمن قرأ هذه الآية فمجّ بها» المج : قذف الريق ونحوه من الفم ، والمراد عدم
الاعتبار والاعتداد بها ، إذ من تفكر فيها فكأنه حفظها ولم يلقها من فيه.
وقال بعض
العلماء : إن لله كتابين كتابا مخلوقا هو الكون ، وكتابا منزلا هو القرآن ،
ويرشدنا هذا إلى طرق العلم بذاك ، بما أوتيناه من العقل ، فمن اعتبر بهما فاز ،
ومن أعرض عنهما خسر الدنيا والآخرة.