يقال بلغ البلد
: إذا وصل إليه ، ويقال أيضا بلغه إذا شارفه ودنا منه ، يقول الرجل لصاحبه : إذا
بلغت مكة فاغتسل بذي طوى ، يريد دنوت منها ، لأن ذا طوى قبلها ، والأجل يطلق على
المدة كلها وعلى آخرها ، فيقال لعمر الإنسان أجل وللموت الذي ينتهى به أجل ،
والمراد هنا زمن العدة ، والمراد بالإمساك المراجعة ، والمعروف ما ألفته العقول
واستحسنته النفوس شرعا وعرفا وعادة ، والمراد بالتسريح ترك المراجعة حتى تنقضى
عدتها والضرار الضرر ، والاعتداء الظلم ، وآيات الله هى آيات أحكام الطلاق والرجعة
والخلع ونحو ذلك ، وهزوا أي مهزوءا بها بالإعراض عنها ، والتهاون في المحافظة
عليها ، لقلة الاكتراث بالنساء وعدم المبالاة بهن ، ونعمة الله هى الرحمة التي
جعلها بين الزوجين ، وما أنزل عليكم من الكتاب أي من آيات أحكام الزوجية التي تحفظ
لكم الهناء في الدنيا والسعادة في الآخرة ، والحكمة هى سرّ تشريع الأحكام وبيان ما
فيها من منافع ومصالح.
المعنى
الجملي
بعد أن بيّن
فيما سلف كيفية الطلاق المشروع وعدده بقوله : «الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ
أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ» وأن الأصل فيه أن يكون بلا عوض بقوله : «وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا
آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً» ، وأن أخذ العوض لا يحل إلا بشرط ذكره بقوله : «فَإِنْ خِفْتُمْ
أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ».
ذكر هنا ما يجب
في معاملة المطلقات ، ونهى عن ضده ، وتوعد على فعل ذلك الضد ، وأرشد إلى المصلحة
والحكمة في الائتمار بذلك الأمر والانتهاء عن ذلك النهى.