عن مباضعة النساء ، أبأن تقوّينى على ما ضعفت عنه من ذلك ، وتجعل زوجى
ولودا وأنت القادر على ما تشاء ، أم بأن أتزوج زوجا غير تلك العاقر؟
وخلاصة ذلك ـ إنه
يستثبت ربه الخبر عن الوجه الذي يكون من قبله الولد الذي بشره به ، لا إنكار منه
لذلك وكيف يكون منه الإنكار لذلك وهو المبتدئ مسألة ربه به بقوله : فهب لى من لدنك
وليا.
وإجمال المعنى
ـ إنه تعجب حين أجيب إلى ما سأل وبشّر بالولد ، وفرح فرحا شديدا وسأل عن الوجه
الذي يأتيه منه الولد ، مع أن امرأته عاقر لم تلد من أول عمرها ، والآن قد كبرت
وهو قد كبر وعتا : أي يبس عظمه ونحل ولم يبق له قدرة على قربان النساء ، وكأنّه
يقول : إنى حين كنت شابا وكهلا لم أرزق الولد لاختلال أحد السببين وهو عقم المرأة
، أفحين اختل السببان أرزقه؟
(قالَ كَذلِكَ) أي قال الله تعالى : الأمر كما قلت ، فسنهب لك الولد مع
ما أنتما عليه من العقم والشيخوخة.
ثم علل هذا
بقوله :
(قالَ رَبُّكَ هُوَ
عَلَيَّ هَيِّنٌ) أي قال ربك الذي عوّدك الإحسان : خلق ولد منكما على هذه
الحال هيّن ، فإنى إذا أردت شيئا كان دون توقف على الأسباب العادية التي رسمتها
للحمل والولادة.
ثم ذكر له ما
هو أعجب مما سأل عنه فقال :
(وَقَدْ خَلَقْتُكَ
مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) أي وليس خلق الغلام الذي وعدتك أن أهبه لك مع كبر سنك
وعقم زوجك بأعجب من خلق البشر جملة من العدم ، فإن خلق آدم ما هو إلا أنموذج لسائر
أفراد الجنس ، مستتبع لجريان آثاره عليه ، فإبداعه عليه السلام على هذا النمط
إبداع لجميع أفراد ذريته ، والقادر على خلق الذوات والصفات من العدم المحض يكون
أجدر بالقدرة على تبديل الصفات بخلق الولد من الشيخ والشيخة.