ثم بيّن أن ما
اعتمدوا عليه من المعبودات الأخرى لا يجديهم نفعا فقال : (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ
يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ) أي أفظن الذين كفروا بي ، واتخذوا عبادى الذين هم فى
قبضتى وتحت سلطانى كالملائكة وعيسى ـ معبودات من دونى ـ أظنوا أن ذلك يجديهم نفعا
، أو يرفع عنهم ما يحل بهم من النكال والوبال؟.
وخلاصة هذا ـ أظنوا
أن ذلك الاتخاذ ينفعهم ، وأنه لا يغضبنى؟ ـ كلّا.
ثم أكد هذا
الإنكار بقوله :
(إِنَّا أَعْتَدْنا
جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً) أي إنا هيأنا لهؤلاء الكافرين جهنم عوضا مما أعدوه
لأنفسهم من الأولياء الذين اتخذوهم زادا ليوم المعاد.
والخلاصة ـ إنا
أعتدنا لهم مكان ما أعدوا لأنفسهم من العدّة والذّخر ـ عدّة هى جهنم وبئس المصير.
وفى ذلك تهكم
بهم ، وتخطئة لهم فى حسبانهم ذلك ، وإيماء إلى أن لهم وراء جهنم ألوانا أخرى من
العذاب ، وما جهنم إلا أنموذج منه.
ثم ذكر سبحانه
ما فيه تنبيه إلى جهلهم فقال :
(قُلْ هَلْ
نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي
الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) أي قل أيها الرسول لهؤلاء الذين يجادلونك بالباطل من
أهل الكتابين اليهود والنصارى : هل نخبركم بالذين أتعبوا أنفسهم فى عمل يبغون به
ثوابا وفضلا ، فنالوا به هلاكا وبوارا كالمشترى سلعة يرجو بها ربحا ، فخاب رجاؤه ،
وخسر بيعه ، ووكس فى الذي رجا فضله؟
وخلاصة ذلك ـ إنهم
عملوا بغير ما أمرهم الله به ، وظنوا أنهم بفعلهم هذا مطيعون له ، وأنهم يحسنون
صنعا ، ثم استبان لهم أنهم كانوا مخطئين ، وفى ضلال مبين ، وأن سعيهم الذي سعوه فى
الدنيا ذهب هباء ، فلم يجدهم نقيرا ولا قطميرا.