أفلم يهد لهم :
أي أفلم يبيّن لهم العبر ، لأولى النهى : أي لذوى العقول الراجحة لزاما : أي لازما
لهم لا يتأخر عنهم ، فسبح بحمد ربك : أي اشتغل بتنزيه الله وتعظيمه آناء الليل :
ساعاته واحدها إنى وإنو (بكسر الهمزة وسكون النون) ولا تمدن عينيك : أي لا تطيلن
النظر رغبة واستحسانا ، متعنا : أي جعلناهم يتلذذون بما يدركون من المناظر الحسنة
، ويسمعون من الأصوات المطربة ، ويشمّون من الروائح الطيبة ، أزواجا : أي أشكالا
وأشباها ، زهرة الحياة الدنيا : أي زينتها وبهجتها ، لنفتنهم : أي لنبتليهم
ونختبرهم ، ورزق ربك : أي ما ادّخره لك ، واصطبر عليها : أي دم عليها.
المعنى
الجملي
بعد أن ذكر
سبحانه حال من أعرض عن ذكر الله فى الآخرة بقوله : ونحشره يوم القيامة أعمى ـ أتبعه
بما يكون عبرة للمشركين لو تفكروا فيه ، وهو ما نزل بالمكذبين بالرسل ممن قبلهم من
الأمم الذين يمرون بديارهم بكرة وعشيا كقوم عاد وثمود ، وكيف أصبحت ديارهم خرابا
بلقعا ليس فيها ديّار ولا نافخ نار ، ثم بين أنه لولا سبق الكلمة بتأخير عذابهم
إلى أجل مسمى لحاق بهم مثل ما حاق بمن قبلهم ، ثم أمر رسوله بالصبر على ما يسمونه
به من نحو قولهم : إنه ساحر ، وإنه شاعر ، وإنه مجنون وعدم المبالاة بمقالتهم ،
وعليه أن يكثر من التسبيح وعبادة ربه آناء الليل وأطراف النهار ولا يلتفت إلى شىء
مما متّع به الكفار من زهرة الدنيا التي أوتيت