والمراد به العقوبة التي تثقل على حاملها ، والصور : قرن ونحوه ينفخ فيه
حين يدعى الناس إلى المحشر كما ينفخ فيه فى الدنيا حين الأسفار وفى المعسكرات ،
زرقا : أي زرق الأبدان سود الوجوه ، لما هم فيه من الشدائد والأهوال ، يتخافتون بينهم
: أي يخفضون أصواتهم ويخفونها ، لشدة ما يرون من الهول ، إلا عشرا : أي عشرة أيام
، أمثلهم طريقة : أي أعدلهم رأيا ، وأرجحهم عقلا.
المعنى
الجملي
بعد أن شرح قصص
موسى عليه السلام مع فرعون أولا ثم مع السامري ثانيا على نمط بديع وأسلوب قويم ـ بين
لنبيه صلّى الله عليه وسلّم أن مثل هذا القصص عن الأمم الماضية والقرون الغابرة
كعاد وثمود وأصحاب الأيكة ، نلقيه إليك تسلية لقلبك ، وإذهابا لحزنك ؛ إذ به تعرف
ما حدث للرسل من قبلك من شدائد الأهوال ، وتذكيرا للمستبصرين فى دينهم ، وتأكيدا
للحجة على من عاند وكابر من غيرهم.
الإيضاح
(كَذلِكَ نَقُصُّ
عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ) يخاطب الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وسلّم ، ويبين له
أنه كما قص عليه خبر موسى وما جرى له مع فرعون وجنوده على هذا الأسلوب الرائع
والمسلك البديع ـ يقص عليه أخبار الحوادث التي جرت على الأمم الخالية ، ليكون له
فى ذلك سلوة ، ليتأسى بالأنبياء السالفين وما لا قوه من أممهم من شديد العناد
والجحود والتكذيب ومكابدة الشدائد والأهوال.
(وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ
لَدُنَّا ذِكْراً) أي وقد أعطيناك من لدنا كتابا جديرا بالتذكر به ، لأنه
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولم يعط نبىّ قبلك مثله ، فهو جامع
للأخبار ، حاو للأحكام التي فيها صلاح حال البشر فى دينهم ودنياهم ، مشتمل على
مكارم الأخلاق ، وسامى الآداب التي بها يرتفع قدر الأمم وينبه ذكرها