(إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ
لَهُمْ) أي لا عهود لهم ، والسياحة فى الأرض : الانتقال والتجوال
فيها ، ويراد بها هنا حرية الانتقال مع الأمان مدة أربعة أشهر لا يعرض المسلمون
لهم فيها بقتال ، وقوله : غير معجزى الله ، أي لا تفوتونه بالهرب والتحصن والخزي :
الذل والفضيحة بما فيه عار ، والأذان : الإعلام بما ينبغى أن يعلم ، ويوم الحج
الأكبر : هو يوم النحر الذي تنتهى فيه فرائض الحج ويجتمع فيه الحاج لإتمام مناسكهم
، ثم لم ينقصوكم شيئا ، أي من شروط الميثاق فلم يقتلوا أحدا منكم ولم يضروكم ، ولم
يظاهروا : أي لم يعاونوا.
المعنى
الجملي
بعث الله محمدا
صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بالإسلام وأقام بناء دعوته على أساس البراهين
المقنعة ، ومنع الإكراه على الدخول فيه والحمل على قبوله بالقوة فقاومه المشركون
وفتنوا المؤمنين بالتعذيب والاضطهاد لصدهم عنه ، ولم يكن أحد يأمن على نفسه من
القتل أو التعذيب إلا بتأمين حليف أو قريب ، فهاجر منهم عدد كثير إلى بلاد الحبشة
وإلى جهات كثيرة مرة بعد أخرى ، ثم اشتد إيذاؤهم للرسول حتى ائتمروا فى دار الندوة
علنا على حبسه أو نفيه أو قتله ، ورجحوا آخر الأمر قتله ، فأمره الله بالهجرة إلى
المدينة وصار يتبعه من قدر عليها ، وقد وجدوا بها أنصارا يحبون الله ورسوله ،
ويحبون من هاجر إليهم ويؤثرونهم على أنفسهم ، وكانت الحال بينهم وبين المشركين حال
حرب بطبيعة الحال ومقتضى المألوف فى ذلك العصر ، وعاهد النبي صلى الله عليه وسلم
أهل الكتاب من اليهود والنصارى على السّلم والتعاون بينهم ، فخانوا ونقضوا العهد
وظاهروا المشركين عليه وعاهد المشركين فى الحديبية على السّلم والأمان عشر سنين
بشروط كانت منتهى السخاء عن قوة وعزة ، لاعن ضعف وقله ، حبّا للسلم ونشر الدعوة
بالإقناع والحجة فدخلت خزاعة فى عهده صلى الله عليه وسلم كما دخلت بكر فى عهد قريش
، ثم عدت الثانية على الأولى وأعانتها قريش بالسلاح