العقل والتدبر ، والنظر المؤدى إلى جلاء الحقائق توصلا إلى معرفة الخالق ،
كما يرشد إلى ذلك قوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ
قالُوا بَلى). وعهد دينىّ وهو أن يعبدوا الله وحده لا شريك له وأن
يعملوا بشرائعه وأحكامه ، وأن يؤمنوا برسله متى قامت الأدلة على صدقهم ، والرهبة :
خوف مع التحرز من الفعل ، والآيات : هى الأدلة التي أيد الله بها نبيه صلى الله
عليه وسلم ، وأعظمها القرآن الكريم ، واللبس بالفتح : الخلط ، والزكاة لغة : الطهارة
، إذ فيها تطهير المال من الخبث والنفس من الشح والبخل.
المعنى
الجملي
بدأ سبحانه هذه
السورة بذكر الكتاب وأنه لا ريب فيه ، ثم ثنى بذكر اختلاف الناس فيه : من مؤمن به
، وكافر بهديه ، ومنافق مذبذب بين ذلك ، ثم طالب الناس بعبادته ، ثم أقام الدليل
على أن الكتاب منزل من عند الله على عبده محمد صلى الله عليه وسلم ، وتحدّى
المرتابين بما أعجزهم وحذرهم وأنذرهم ، ثم حاجّ الكافرين وجاءهم بأوضح البراهين ،
وهو إحياؤهم مرتين وإماتتهم مرتين ، ثم ذكر خلق السموات والأرض لمنافعهم وخلق
الإنسان في أطواره المختلفة ، وهنا خاطب الشعوب والأمم التي ظهرت بينها النبوة ،
فبدأ بذكر اليهود لأنهم أقدم الشعوب الحاملة للكتب السماوية ، ولأنهم كانوا أشد
الناس ضغنا للمؤمنين ، ولأن دخولهم في الإسلام حجة قوية على النصارى وغيرهم ،
لأنهم أقدم منهم عهدا.
الإيضاح
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ
اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) أي احفظوا بقلوبكم نعمى بالتفكر في شكرها باللسان.
وفي هذا إشارة
إلى أنهم نسوها ولم يخطروها ببالهم ، ولم تعين الآية هذه النعمة أراد بها نعمة
النبوة التي اصطفاهم بها زمانا طويلا ، حتى كانوا يسمّون شعب الله.