(فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) أي فمن استمسكوا بالشرائع التي أتى بها الرسل ، وراعوا
ما يحكم العقل بصحته بعد النظر في الأدلة التي في الآفاق والأنفس.
(فَلا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أي إن المهتدين بهدى الله لا يخافون مما هو آت ، ولا
يحزنون على ما فات ، فإن من سلك سبيل الهدى سهل عليه كل ما أصابه أو فقده ، لأنه
موقن بأن الصبر والتسليم مما يرضى ربه ، ويوجب مثوبته ، فيكون له من ذلك خير عوض
عما فاته ، وأحسن عزاء عما فقده ، فمثله مثل التاجر الذي يكدّ ويسعى وتنسيه لذة
الربح آلام التعب.
والأديان قد
حرّمت بعض اللذات التي كان في استطاعة الإنسان أن يتمتع بها ، لضررها إما بالشخص
أو بالمجتمع ، فمن تمثلت له المضارّ التي تعقب اللذة المحرّمة وتصور ما لها من
تأثير في نفسه أو في الأمة فرّ منها فرار السليم من الأجرب ، إلى أن المؤمن بالله
واليوم الآخر ، يرى في انتهاك حرمات الدين ما يدنّس النفس ويبعدها عن الكرامة ،
يوم تبيض وجوه وتسودّ وجوه.
والخلاصة ـ إن
من جاءه الهدى على لسان رسول بلغه إياه واتبعه ، فقد فاز بالنجاة وبعد عنه الحزن
والخوف يوم الحساب والجزاء والعرض على الملك الديان ، يوم يقوم الناس لربّ
العالمين.