الرغد : الهنيء
الذي لاعناء فيه ، أو الواسع ؛ يقال رغد عيش القوم إذا كانوا في رزق واسع كثير ،
وأرغد القوم : أخصبوا وصاروا في رغد من العيش ، والزلل : السقوط يقال زلّ في طين
أو منطق يزل بالكسر زليلا ، وقال الفراء : زلّ يزلّ بالفتح زللا ، والهبوط كما قال
الراغب الانحدار على سبيل القهر ، ولا يبعد أن تكون تلك الجنة في ربوة فسمى الخروج
منها هبوطا أو سمى بذلك لأن ما انتقلوا إليه دون ما كانوا فيه ، أو هو كما يقال
هبط من بلد إلى بلد كقوله لبنى إسرائيل (اهْبِطُوا مِصْراً) والعدو : هو المجاوز حده في مكروه صاحبه وهو يصلح للواحد
والجمع ، ومن ثم لم يقل أعداء ، والمستقر : الاستقرار والبقاء ، والمتاع :
الانتفاع الذي يمتد وقته ، والحين : مقدار من الزمن قصيرا كان أو طويلا ، وتلقى
الكلمات : هو أخذها بالقبول والعمل بها حين علمها.
المعنى
الجملي
علمت مما سلف
أن الحكمة الإلهية اقتضت إيجاد النوع الإنساني في الأرض واستخلافه فيها ، وأن
الملائكة فهموا أنه يفسد نظامها ويسفك الدماء ، فأعلمهم المولى بأن علمهم لا يرقى
إلى الإحاطة بمعرفة حكمته ، وأن الله أوجد آدم وفضله بتعليم الأسماء كلها ، وأنه
تعالى أخضع له الملائكة إلا إبليس فقد أبي واستكبر عن السجود ، لما فى طبيعته من
الاستعداد للعصيان ، وهنا ذكر أنه تعالى أمر آدم وزوجه بسكنى الجنة والتمتع بما
فيها ونهاهما أن يأكلا من شجرة معينة ، وأعلمهما أن القرب منها ظلم لأنفسهما وأن
الشيطان أزلهما عنها فأخرجهما من ذلك النعيم ، وأن آدم أناب إلى الله من معصيته
فقبل توبته ، وقد سيقت هذه القصة تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم عما يلاقى من
الإنكار ، ليعلم أن المعصية من شأن البشر ، فالضعف غريزة فيهم ينتهى إلى أول سلف