وجه سبحانه
الخطاب في هاتين الآيتين إلى أولئك الفاسقين الذين ضلوا بالمثل بعد أن وصفهم
بالصفات الشنيعة من نقض العهد الموثّق ، وقطع ما أمر الله به أن يوصل ، والإفساد
في الأرض ، وجاء به على طريق التوبيخ والتعجيب من صفة كفرهم بذكر البراهين الداعية
إلى الإيمان الصادّة عن الكفر ، وهى النعم المتظاهرة الدالة على قدرته تعالى من
مبدأ الخلق إلى منتهاه ، من إحيائهم بعد الإماتة ، وتركيب صورهم من الذرات
المتناثرة ، والنطف الحقيرة المهينة ، وخلق لهم ما في الأرض جميعا ليتمتعوا بجميع
ما في ظاهرها وباطنها على فنون شتى وطرق مختلفة ، وخلق سبع سموات مزينة بمصابيح
ليهتدوا بها في ظلمات البر والبحر.
أ فبعد هذا كله
يكفرون به وينكرون عليه أن يبعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ، ويضرب لهم
الأمثال ليهتدوا بها في إيضاح ما أشكل عليهم مما فيه أمر سعادتهم فى دينهم ودنياهم؟
الإيضاح
(كَيْفَ تَكْفُرُونَ
بِاللهِ) أي على أي حال تكفرون بالله ، وعلى أي شبهة تعتمدون
وحالكم في موتتيكم وحياتيكم لا تدع لكم عذرا في الكفران به ، والاستهزاء بما ضربه
من المثل وإنكار نبوة نبيه.
(وَكُنْتُمْ أَمْواتاً
فَأَحْياكُمْ) أي والحال أنكم كنتم قبل هذه النشأة في الحياة الدنيا
أمواتا ، أجزاؤكم متفرقة في الأرض ، بعض منها في الطبقات الجامدة ، وأخرى