أخلص لى العبادة ، والتوصية : إرشاد غيرك إلى ما فيه خير وصلاح له من قول
أو فعل على جهة التفضل والإحسان في أمر دينى أو دنيوى ، مسلمون : أي مخلصون
بالتوحيد ، والشهداء : واحدهم شهيد ، أي حاضر ، وحضور الموت : حضور أماراته
وأسبابه وقرب الخروج من الدنيا ، والأمة : الجماعة ، وخلت : مضت وذهبت ، لها ما
كسبت : أي ما عملت ، ولكم ما كسبتم : أي أنتم مجزيون بأعمالكم.
المعنى
الجملي
بعد أن ذكر
سبحانه أنه ابتلى إبراهيم بكلمات فأتمهنّ ، وأنه عهد إليه ببناء البيت وتطهيره
للعبادة ، فصدع بما أمر ، أردف ذلك بذكر أن ملة إبراهيم التي كان يدعو إليها وهى
التوحيد وإسلام القلب لله ، والإخلاص له في العمل ، لا ينبغى التحول عنها ، ولا
يرضى عاقل أن يتركها ، إلا إذا ذلّ نفسه واحتقرها ، وبها وصى يعقوب بنيه ، ووصى
بها من قبله إبراهيم بنيه ، ثم ردّ على شبهة لليهود إذ قالوا للنبى صلى الله عليه
وسلم إن يعقوب كان يهوديا ، وكذبهم بمقال لبنيه له حين موته : نعبد إلهك وإله
آبائك الإله الواحد.
وقد روى في سبب
نزول الآية أن عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه سلمة ومهاجرا إلى الإسلام ، قال
لهما : قد علمتما أن الله تعالى قال في التوراة : إني باعث من ولد إسماعيل نبيا
اسمه أحمد ، من آمن به فقد اهتدى ، ومن لم يؤمن به فهو ملعون ، فأسلم سلمة وأبي
مهاجر.
الإيضاح
(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ
مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) أي إن ملّتكم هى ملّة أبيكم إبراهيم الذي إليه تنتسبون
، وبه تفخرون ، فكيف ترغبون عنها وتحتقرون عقولكم وتدعون أولياء من دون الله لا
يملكون لكم ضرّا ولا نفعا.