responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 95
لِذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَى أَنْ يُهَاجِرَ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَخْرُجُوا إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ لَا أَنْفَعُكُمْ وَلَا أُنْفِقُ عَلَيْكُمْ شَيْئًا أَبَدًا. وَمِنْهُمْ مَنْ تَتَعَلَّقُ بِهِ امْرَأَتُهُ وَوَلَدُهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَلَّا تَخْرُجَ فَنَضِيعَ بَعْدَكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَرِقُّ فَيَدَعُ الْهِجْرَةَ وَيُقِيمُ مَعَهُمْ، فَنَزَلَتْ" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ". يَقُولُ: [إِنِ اخْتَارُوا] الْإِقَامَةَ عَلَى الْكُفْرِ بِمَكَّةَ عَلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ." وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ" بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ" فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ". ثُمَّ نَزَلَ فِي الَّذِينَ تَخَلَّفُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا:" قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ" وَهِيَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى عَقْدٍ وَاحِدٍ كَعَقْدِ الْعَشَرَةِ فَمَا زَادَ، وَمِنْهُ الْمُعَاشَرَةُ وَهِيَ الِاجْتِمَاعُ عَلَى الشَّيْءِ. (وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها) يَقُولُ: اكْتَسَبْتُمُوهَا بِمَكَّةَ. وَأَصْلُ الِاقْتِرَافِ اقْتِطَاعُ الشَّيْءِ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى غَيْرِهِ. (وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها) قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: هِيَ الْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ إِذَا كَسَدْنَ فِي الْبَيْتِ لَا يَجِدْنَ لَهُنَّ خَاطِبًا. قَالَ الشَّاعِرُ:
كَسَدْنَ مِنَ الْفَقْرِ فِي قَوْمِهِنَّ ... وَقَدْ زَادَهُنَّ مَقَامِي كُسُودَا
(وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها) يَقُولُ: وَمَنَازِلُ تُعْجِبُكُمُ الْإِقَامَةُ فِيهَا. (أَحَبَّ إِلَيْكُمْ) مِنْ أَنْ تُهَاجِرُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِالْمَدِينَةِ. وَ" أَحَبَّ" خَبَرُ كَانَ. وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ رَفْعُ" أَحَبَّ" عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَاسْمُ كَانَ مُضْمَرٌ فِيهَا. وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
إِذَا مِتُّ كَانَ النَّاسُ صِنْفَانِ: شَامِتٌ ... وَآخَرُ مُثْنٍ بِالَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ «1»
وَأَنْشَدَ:
هِيَ الشِّفَاءُ لِدَائِي لَوْ ظَفِرْتُ بِهَا ... وَلَيْسَ مِنْهَا شِفَاءُ الدَّاءِ مَبْذُولُ «2»
وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ حُبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأُمَّةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ مَحْبُوبٍ. وَقَدْ مَضَى فِي" آلِ عِمْرَانَ" [3] مَعْنَى مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ. (وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا) صِيغَتُهُ صِيغَةُ أَمْرٍ وَمَعْنَاهُ التَّهْدِيدُ. يَقُولُ: انْتَظِرُوا. (حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ)

(1). البيت للعجير السلولي.
(2). البيت لهشام أخى ذي الرمة. (عن كتاب سيبويه).
[3] راجع ج 4 ص 59.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست