responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 83
الثَّالِثَةُ- فَأَمَّا الذِّمِّيُّ إِذَا طَعَنَ فِي الدِّينِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ، لِقَوْلِهِ:" وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ" الْآيَةَ. فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ وَقِتَالِهِمْ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي هَذَا: إِنَّهُ يُسْتَتَابُ، وَإِنَّ مُجَرَّدَ الطَّعْنِ لَا يُنْقَضُ بِهِ الْعَهْدُ إِلَّا مَعَ وُجُودِ النَّكْثِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا نَقْضُهُمُ الْعَهْدَ، وَالثَّانِي طَعْنُهُمْ فِي الدِّينِ. قُلْنَا: إِنْ عَمِلُوا بِمَا يُخَالِفُ الْعَهْدَ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، وَذِكْرُ الْأَمْرَيْنِ لا يقتضي توقف قتاله على وجود هما، فَإِنَّ النَّكْثَ يُبِيحُ لَهُمْ ذَلِكَ بِانْفِرَادِهِ عَقْلًا وَشَرْعًا. وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ عِنْدَنَا: فَإِنْ نَكَثُوا عَهْدَهُمْ حَلَّ قِتَالُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَنْكُثُوا بَلْ طَعَنُوا فِي الدِّينِ مَعَ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ حَلَّ قِتَالُهُمْ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رُفِعَ إِلَيْهِ: ذِمِّيٌّ نَخَسَ دَابَّةً عَلَيْهَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ فَرَمَحَتْ فَأَسْقَطَتْهَا فَانْكَشَفَتْ بَعْضُ عَوْرَتِهَا، فَأَمَرَ بِصَلْبِهِ فِي الْمَوْضِعِ. الرَّابِعَةُ- إِذَا حَارَبَ الذِّمِّيُّ نُقِضَ عَهْدُهُ وَكَانَ ماله وولده فيئا معه. وقال محمد ابن مَسْلَمَةَ: لَا يُؤَاخَذُ وَلَدُهُ بِهِ، لِأَنَّهُ نَقَضَ وَحْدَهُ. وَقَالَ: أَمَّا مَالُهُ فَيُؤْخَذُ. وَهَذَا تَعَارُضٌ لَا يُشْبِهُ مَنْصِبَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ، لِأَنَّ عَهْدَهُ هُوَ الَّذِي حَمَى مَالَهُ وَوَلَدَهُ، فَإِذَا ذَهَبَ عَنْهُ مَالُهُ ذَهَبَ عَنْهُ وَلَدُهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ: إِذَا نَقَضَ الذِّمِّيُّ الْعَهْدَ فَهُوَ عَلَى عَهْدِهِ وَلَا يَعُودُ فِي الرِّقِّ أَبَدًا. وَهَذَا مِنَ الْعَجَبِ، وَكَأَنَّهُ رَأَى الْعَهْدَ مَعْنًى مَحْسُوسًا. وَإِنَّمَا الْعَهْدُ حُكْمٌ اقْتَضَاهُ النَّظَرُ، وَالْتَزَمَهُ الْمُسْلِمُونَ لَهُ، فَإِذَا نَقَضَهُ انْتَقَضَ كَسَائِرِ الْعُقُودِ. الْخَامِسَةُ- أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ عَرَّضَ أَوِ اسْتَخَفَّ [1] بِقَدْرِهِ أَوْ وَصَفَهُ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي كَفَرَ بِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، فَإِنَّا [2] لَمْ نُعْطِهِ الذِّمَّةَ أَوِ الْعَهْدَ عَلَى هَذَا. إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيَّ وَأَتْبَاعَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَا يُقْتَلُ، مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ، وَلَكِنْ يُؤَدَّبُ وَيُعَزَّرُ. وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِنْ نَكَثُوا" الْآيَةَ. وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ بِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَكَانَ مُعَاهِدًا. وَتَغَيَّظَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ! فَقَالَ: مَا كَانَتْ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا أَعْمَى كَانَتْ لَهُ

[1] في ب: فاستخف.
[2] في ى: لأنا.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست