responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 54
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ بَعَثَتْ زَيْنَبُ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ عِنْدَ خَدِيجَةَ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ. قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً وَقَالَ: (إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا)؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ عَلَيْهِ أَوْ وَعَدَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إِلَيْهِ. وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدُ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: (كُونَا بِبَطْنِ يَأْجَجَ [1] حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِيَا بِهَا). قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حُدِّثْتُ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مَكَّةَ قَالَ لِي: تَجَهَّزِي، فَالْحَقِي بِأَبِيكِ. قَالَتْ: فَخَرَجْتُ أَتَجَهَّزُ فَلَقِيَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فَقَالَتْ: يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ، أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّكِ تُرِيدِينَ اللُّحُوقَ بِأَبِيكِ؟ فَقُلْتُ لَهَا: مَا أَرَدْتُ ذَلِكَ. فَقَالَتْ، أَيْ بِنْتَ عَمِّ، لَا تَفْعَلِي، إِنِّي امْرَأَةٌ مُوسِرَةٌ وَعِنْدِي سِلَعٌ مِنْ حَاجَتِكَ، فَإِنْ أَرَدْتِ سِلْعَةً بِعْتُكِهَا، أَوْ قَرْضًا مِنْ نَفَقَةٍ أَقْرَضْتُكِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَ النِّسَاءِ مَا بَيْنَ الرِّجَالِ. قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا أَرَاهَا قَالَتْ ذَلِكَ إِلَّا لِتَفْعَلَ، فَخِفْتُهَا فَكَتَمْتُهَا وَقُلْتُ: مَا أُرِيدُ ذَلِكَ. فَلَمَّا فَرَغَتْ زَيْنَبُ مِنْ جِهَازِهَا ارْتَحَلَتْ وَخَرَجَ بِهَا حَمُوهَا يَقُودُ بِهَا نَهَارًا كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ. وَتَسَامَعَ بِذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ، وَخَرَجَ فِي طَلَبِهَا هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَنَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْقَيْسِ الْفِهْرِيُّ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ مبق إِلَيْهَا هَبَّارٌ فَرَوَّعَهَا بِالرُّمْحِ وَهِيَ فِي هَوْدَجِهَا. وَبَرَكَ كِنَانَةُ وَنَثَرَ نَبْلَهُ، ثُمَّ أَخَذَ قَوْسَهُ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَدْنُو مِنِّي رَجُلٌ إِلَّا وَضَعْتُ فِيهِ سَهْمًا. وَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ فَقَالَ: يَا هَذَا، أَمْسِكْ عَنَّا نَبْلَكَ حَتَّى نُكَلِّمَكَ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ وَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا، خَرَجْتَ بِالْمَرْأَةِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، وَقَدْ عَرَفْتَ مُصِيبَتَنَا الَّتِي أَصَابَتْنَا بِبَدْرٍ فَتَظُنُّ الْعَرَبُ وَتَتَحَدَّثُ أَنَّ هَذَا وَهَنٌ مِنَّا وَضَعْفٌ خُرُوجُكَ إِلَيْهِ بِابْنَتِهِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا. ارْجِعْ بِالْمَرْأَةِ فَأَقِمْ بِهَا أَيَّامًا، ثُمَّ سُلَّهَا [2] سَلًّا رَفِيقًا فِي اللَّيْلِ فَأَلْحِقْهَا بِأَبِيهَا، فَلَعَمْرِي مَا لَنَا

[1] يأجج (كيسمع وينصر ويضرب): موضع بمكة.
[2] انطلق بها في استخفاء.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست